للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدثنا أبي، عن الأعمش، عن حبة بن جُوَين، عن علي قال: كنا عنده جلوساً، فقالوا:

ما رأينا رجلاً أحسن خُلُقاً، ولا أرفق تعليما، ولا أحسن مجالسته، ولا أشد وَرَعاً، من ابن مسعود. قال علي: أُنشدُكُم اللَّه أهو الصدق من قلوبكم؟ قالوا: نعم. قال: اللَّهمّ اشهد أني أقول مثل ما قالوا وأفضل (١).

قال أبو وائل: لما شَقَّ عثمان المصاحف، بلغ ذلك عبدَ اللَّه فقال: لقد علم أصحاب محمد أني أعلمهم بكتاب اللَّه، وما أنا بخيرهم، ولو أني أعلم أن أحداً أعلمُ بكتاب اللَّه مني تُبَلِّغُنِيه الإبلُ لأَتَيْتُه فقال أبو وائل: فقمت إلى الخلق أسمع ما يقولون، فما سمعتُ أحداً من أصحاب محمد ينكر ذلك عليه.

وقال زيد بن وَهْب: إني لجالس مع عمر إذ جاءَه ابن مسعود يكاد الجُلُوسُ يوارونه من قِصَره فضحك عُمر حين رآه، فجعل يكلم عُمَر ويضاحكه وهو قَائِم ثم ولَّى فأتبعه عمرُ بصرة حتى توارى فقال: كُنَيْف مُلِيءَ عِلْماً (٢).

وقال عُبَيد اللَّه بن عبد اللَّه: كان عبدُ اللَّه إذا هَدَأت العيونُ قام فسمعتُ له دويّا كدوىّ النّخل حتى يُصْبح.

وقال سلمة بن تمام: لقي رجل ابن مسعود فقال: لا تَعْدَمُ حَالِماً مُذَّكِراً، رأيْتُكَ البَارحة ورأيت النبي على مِنْبَرٍ مرتفعٍ، وأنتَ دُونَه وهو يقول: يا ابن مسعود، هلمّ إليّ، فلقد جُفِيت بعدِي. فقال: اللَّه لأنْت رأيت هذا؟ قال: نَعَمْ قال فَعَزمْت أنْ تخرجَ من المدينةِ حتى تُصَلِّي عَليّ، فما لبثَ أيَّاماً حتى مات.

وقال أبو ظبية (٣): مرض عبد اللَّه، فعاده عثمان بن عفان، فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي! قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي. قال: ألا آمُرُ لك بطبيب؟ قال: الطبيبُ أَمْرَضَنِي.

قال: أَلَا آمرُ لك بعطاءٍ؟ قال: لا حاجة لي فيه. قال: يكون لبناتك. قال أتخشى على بناتي


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، من طريق حبة العرني ٣/ ٣١٥. ونصه: «أن ناسا أتوا عليا، فأثنوا على عبد اللَّه بن مسعود، فقال: أقول فيه مثل قالوا، وأفضل من قرأ القرآن، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فقيه في الدين، عالم بالسنة». وينظر الطبقات لابن سعد: ٣/ ١/ ١١٠.
(٢) أخرج الحاكم في المستدرك نحوه من طريق زيد بن وهب ٣/ ٣١٨، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه». وينظر الطبقات لابن سعد: ٣/ ١/ ١١٠. وكنيف- تصغير كنف بكسر فسكون والكنف: هو الوعاء.
والمقصود بالتصغير هنا التعظيم.
(٣) في المطبوعة: أبو طيبة. ينظر التهذيب: ١٢/ ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>