وقيل: كان سبب عزله عن الكوفة مع قُبْح سيرته أن عبد اللَّه بن هَمَّام السَّلُولي قال شعراً، وكتبه في رِقَاع، وألقاها في المسجد الجامع، وهي.
ألَا أبْلِغْ مُعَاوِيةَ بنَ صَخْرٍ … فقد خَرِب السَّوَادُ فلا سَوَادَا
أرى العُمَّالَ أقْسَاء عَلَيْنَا … بِعَاجِلِ نَفْعِهم ظَلَمُوا العِبَادا
فهَلْ لَكَ أنْ تُدَارِكَ ما لَدَيْنَا … وتَدْفَعَ عن رَعِيَّتِك الفَسَادا
وتَعْزِلَ تَابِعاً أبداً هَوَاهُ … يُخَرِّبُ من بَلَادُتِهِ البِلَادَا
إذَا مَا قُلْتَ: أقْصَرَ عن هَوَاهُ … تَمَادَى في ضَلَالَتِه وزَادَا
فبلغ الشعر مُعاويةَ، فعزله.
واستعمله معاوية أيضاً على الجزيرة، وغَزَا الرومَ سنة ثلاث وخمسين فشتا (١) في أرْضِهِم، وغلب على دمشق لما خرج عنها الضحاك بن قيس إلى مَرْج رَاهِط، ودعا إلى البيعة لمروان بن الحكم.
وتوفي أيام عبد الملك بن مروان.
أخرجه ابن منده وأبو نعيم وأبو موسى، فأما أبو موسى، فاختصره، وأما ابن منده وأبو نُعَيْم فقالا: عبد الرحمن بن أبي عَقِيل الثقفي. وفد على رسول اللَّه ﷺ، يعد في الكوفيين، حديثه عند عبد الرحمن بن علقمة، ويقال: إنه عبد الرحمن بن أُم الحَكَم بنت أبي سفيان.
ورويا بإسنادهما عن عون بن أبي جُحَيْفة، عن عبد الرحمن بن عَلْقَمَة الثَّقَفِي، عن عبد الرحمن ابن أبي عَقِيل قال: «انطلقت في وفد إلى رسول اللَّه ﷺ، فأنَخْنَا في الباب، وما في الأرضِ أبغض إلَيْنَا من رجل نَلِجُ عليه - يعني النبي ﷺ فما خرجنا حتى ما كان في الناس أحدٌ أحبُّ إلينا من رَجُلٍ دخلنا عليه».
قلت: هذا كلام ابن منده وأبي نُعَيم. والصحيح أن عبد الرحمن بن أُم الحَكَم لا صحبة له وهو غير ابن أبي عقَيل، وهو من التابعين. قال محمد بن سعد: هو من الطبقة الأولى من أهل الطائف، وقال أبو زرعة إنه من التابعين، ولم يكن كوفياً، إنما كان أميراً عليها، ولم تطل أيامه حتى ينسب إليها، فلعله غيره، واللَّه أعلم.
(١) في المطبوعة: «فنشأ»، ولا يستقيم الكلام عليه. وفي الأصل بتقديم الشين على التاء، من غير فقط التاء.