للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالت: فلمّا كان عام الفتح أخذه سعد وقال: ابن أخي، قد كان عهد إليّ فيه. فقام إليه عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبى، ولد على فراشه. فتساوقا (١) إلى رسول اللَّه ،

فقال سعد: يا رسول اللَّه، إن أخي قد كان عهد إليّ فيه. وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبى، ولد على فراشه. فقال رسول اللَّه : هو لك يا عبد بن زمعة. ثم قال رسول اللَّه : «الولد للفراش وللعاهر الحجر». ثم قال لسودة بنت زمعة: «احتجبى منه، لما رأى من شبهة بعتبة بن أبي وقّاص. قالت: فما رآها حتى لقي اللَّه ﷿» (٢).

قلت: أخرجه الثلاثة واختلفوا في نسبه اختلافا كبيرا، لا يمكن الجمع بين أقوالهم.

والصحيح هو الّذي قاله أبو عمر، ودليله أن أبا نعيم ذكر في عبد بن زمعة بن الأسود أنه أخو سودة بنت زمعة. وذكر بن منده في عبد بن زمعة أيضا: أنه أخو سودة، وذكرا في نسب سودة أنها بنت زمعة بن قيس كما سقناه أولا، فبان بهذا أن عبد الرحمن الّذي قالا: إنه أخو عبد بن زمعة هو ابن زمعة بن قيس العامري، لا زمعة بن الأسود الأسدي. ومما يؤيد هذا القول

أن النبي لما اختصم سعد وعبد بن زمعة في ولد وليدة زمعة رأى رسول اللَّه شبها بيّنا بعتبة ابن أبي وقّاص، فقال لسودة بنت زمعة زوجته: «احتجبى منه، والولد للفراش» فلو لم يكن أخاها لأنه ولد على فراش أبيها، لما أمرها بالاحتجاب منه، لما رأى فيه من شبهة عتبة واللَّه أعلم.

وإنما كان الوهم من ابن منده أولا حيث رأى زمعة، وأنه قرشي، فسبق إلى قلبه انه زمعة ابن الأسود الأسدي، لأنه أشهر، وتبعه أبو نعيم، ولو علما أن بنى عامر بن لؤيّ قرشيون أيضا لما قالا ذلك، وهم قريش الظّواهر، وبنو كعب بن لؤيّ قريش البطاح (٣).

وقد ذكر الزبير بن بكار فقال: «ولد قيس بن عبد شمس، يعنى العامري: زمعة، ثم قال: فولد زمعة عبد بن زمعة، وعبد الرحمن بن زمعة، وهو الّذي خاصم فيه أخوه عبد بن زمعة عام الفتح سعد بن أبي وقاص. ثم قال: وسودة بنت زمعة كانت عبد السكران بن عمرو، فتزوجها بعده رسول اللَّه » (٤).

فهذا يؤيد ما قلناه، واللَّه أعلم.


(١) أي: ساق كل منهما صاحبه، لمنازعته، فيما ادعاه إلى رسول اللَّه .
(٢) الموطأ، كتاب الأقضية، باب القضاء بإلحاق الولد بابيه.
(٣) قريش البطاح: الذين ينزلون الشعب بين أخشبى مكة، وقريش الظواهر: الذين ينزلون خارج الشعب. وأكرمهما قريش البطاح، وأخشبا مكة: جبلاها، أبو قبيس والّذي يقابله. (تاج العروس).
(٤) ينظر كتاب نسب قريش: ٤٢١، ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>