للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فسار عتبة وافتتح الأبلّة، واختطّ البصرة، وهو أول من مصرّها وعمّرها. وأمر محجن ابن الأدرع فخط مسجد البصرة الأعظم، وبناه بالقصب. ثم خرج حاجا وخلف مجاشع ابن مسعود، وأمره أن يسير إلى الفرات، وأمر المغيرة بن شعبة أن يصلى بالناس، فلما وصل عتبة إلى عمر استعفاه عن ولاية البصرة، فأبى أن يعفيه، فقال: اللَّهمّ لا تردني إليها! فسقط عن راحلته فمات سنة سبع عشرة، وهو منصرف من مكة إلى البصرة، بموضع يقال له: معدن بنى سليم، قاله ابن سعد (١).

وقال المدائني: مات بالرّبذة (٢) سنة سبع عشرة، وقيل: سنة خمس عشرة، وهو ابن سبع وخمسين سنة وكان طوالا جميلا.

أخبرنا عبد الوهاب بإسناده عن عبد اللَّه بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا وكيع، حدثنا قرة بن خالد، عن حميد بن هلال العدوي، عن خالد بن عمير، عن (٣) رجل منهم قال:

سمعت عتبة بن غزوان يقول: لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول اللَّه ، ما لنا طعام إلا ورق الحبلة (٤)، حتى قرحت أشداقنا (٥).

وفتح عتبة دست ميسان، وغنم ما فيها، وسبى الحريم والأبناء، وممن أخذ منها: يسار أبو الحسن البصري، وأرطبان جد عبد اللَّه بن عون بن أرطبان (٦) وغيرهم.

أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد بإسناده عن أبي بكر بن أبي عاصم قال: حدثنا أزهر ابن حميد أبو الحسن، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطّفاوى، حدثنا أيوب السّختيانى، عن حميد بن هلال، عن خالد بن عمير: أن عتبة بن غزوان - وكان أمير البصرة - خطب فقال في خطبته: «ألا إن الدنيا قد ولّت حذّاء (٧)، ولم يبق منها إلا صبابة (٨) كصبابة الإناء يتصابّها أحدكم، وإنكم ستنتقلون منها لا محالة، فانتقلوا منها بخير ما بحضرتكم إلى دار


(١) الطبقات الكبرى، لابن سعد: ٣/ ١/ ٦٩. ومعدن بنى سليم: من أعمال المدينة على طريق نجد.
(٢) الرَّبَذَة- بفتح الراء والباء: قرية من قرى المدينة على ثلاثة أميال منها.
(٣) في المسند: «خالد بن عمير رجل منهم» أو في التهذيب ٣/ ١١١: «خالد بن عمير العدوي البصري، روى عن عتبة بن غزوان، وعنه حميد بن هلال».
(٤) في المسند: «إلا ورق الجنة» وأحسبه خطأ. والحبلة- بضم الحاء وسكون الباء-: ثمر السمر يشبه اللوبياء.
(٥) مسند أحمد: ٤/ ١٧٤.
(٦) له ترجمة في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، ٢/ ٢/ ١٣٠، ١٣١. والتهذيب: ٥/ ٣٤٦ - ٣٤٩.
(٧) ولت حذاء: سريعة خفيفة.
(٨) الصبابة- بضم الصاد: بقية الماء في الإناء، يتصابها: يشربها.

<<  <  ج: ص:  >  >>