للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما قتل دفن ليلا، وصلى عليه جبير بن مطعم - وقيل: حكيم بن حزام - وقيل: المسوّر ابن مخرمة - وقيل: لم يصل عليه أحد، منعوا من ذلك. ودفن في حشّ كوكب (١) بالبقيع، وكان عثمان قد اشتراه وزاده في البقيع. وحضره عبد اللَّه بن الزبير، وامرأتاه: أم البنين بنت عيينة ابن حصن الفزاريّة، ونائلة بنت الفرافصة الكلبية، فلما دلّوه في القبر صاحت ابنته عائشة، فقال لها ابن الزبير: اسكتي وإلا قتلتك. فلما دفنوه قال لها: صيحى الآن ما بدا لك أن تصيحي.

أخبرنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد اللَّه بن أحمد: حدثني عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن مغيرة (٢)، عن أم موسى قالت: «كان عثمان من أجمل الناس».

وقيل: كان ربعة لا بالقصير ولا بالطويل، حسن الوجه رقيق البشرة، كبير اللحية، أسمر اللون، كثير الشّعر، ضخم الكراديس (٣)، بعيد ما بين المنكبين. كان يصفّر لحيته ويشدّ أسنانه بالذهب، وكان عمره اثنتين وثمانين سنة، وقيل: ست وثمانون سنة، قاله قتادة. وقيل: كان عمره تسعين سنة.

ورثاه كثير من الشعراء، قال حسان بن ثابت:

من سرّه الموت صرفا لا مزاج له … فليأت مأدبة (٤) في دار عثمانا

ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به (٥) … يقطّع اللّيل تسبيحا وقرآنا

صبرا (٦)، فدى لكم أمّى وما ولدت … قد ينفع الصّبر في المكروه أحيانا

لتسمعنّ وشيكا في ديارهم: … اللَّه أكبر يا ثارات عثمانا (٧)

وزاد فيها بعض أهل الشام أبياتا لا حاجة إلى ذكرها، ومنها:


(١) حش كوكب- بفتح أوله وتشديد ثانيه، ويضم أوله أيضا، وكوكب اسم رجل من الأنصار، وهو عند بقيع الغرقد.
(٢) في المطبوعة: «حدثنا جرير، عن جرير». والمثبت عن مسند الإمام أحمد. وينظر التهذيب ترجمة جرير بن عبد الحميد، ٢/ ٧٥، وترجمة المغيرة بن مقيم: ١٠/ ٢٦٩.
(٣) الكراديس: جمع كردوسة، وهي كل عظمين التقيا في مفصل.
(٤) في ديوانه: فليأت مأسدة. شبه دار عثمان لما دار فيها من قتال بالمأسدة موضع الأسود.
(٥) ضحوا بأشمط، أي: أبيض. يعنى: ذبحوا رجلا أشيب كما تذبح الضحية. عنوان السجود به: أي في وجهه علامة الصلاة. وقرآنا: قراءة.
(٦) في الديوان: «ويها».
(٧) يهددهم بأنه عما قريب، سيحضر من ينتقم منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>