للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو ممن أرسلته قريش إِلى النبيَّ يوم الحُدَيْبِيَة، فعاد إِلى قُرَيْش وقال لهم: «قد عَرَض عليكم خُطَّة رُشْدٍ فاقْبَلُوها».

أَخبرنا أَبو جعفر بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إِسحاق: أَن رسول اللَّه لما انصرف عن ثَقِيف اتَّبَع أَثَره عُرْوة بن مسعود بن مُعَتِّب، فأَدركه قبل أَن يصل إِلى المدينة فأَسلم، وسأَله أَن يرجع إِلى قومه بالإِسلام، فقال له رسول اللَّه ، كما يتحدث قومه: إِنهم قاتلوك. وعرف رسول اللَّه أَن فيهم نَخْوَة بالامتناع (١) الذي كان منهم، فقال له عروة: يا رسول اللَّه، أَنا أَحب إِليهم من أَبصارهم. وكان فيهم مُحَبَّباً مطاعاً، فخرج يدعو قومه إِلى الإِسلام، ورجا (٢) أَن لا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أَشرف لهم على عُلِّيَّة (٣) وقد دعاهم إِلى الإِسلام، وأَظهر لهم دينه، رَمَوْه بالنَّبْل من كل وجه، فأَصابه سهم فقتله.

وتزعم بنو مالك أَنه قتله رجل منهم، يقال له: «أَوس بن عوف» أَحد بني سالم بن مالك، وتزعم الأحلاف أنه قتل رجل منهم، من بني عَتَّاب بن مَالِك، يقال له: «وهب بن جابر»، فقيل لعُرْوة: ما ترى في دمك، فقال: كَرَامَةٌ أكرمني اللَّه بها، وشَهَادة سَاقَهَا اللَّه إِلَيَّ، فليس فِيَّ إِلا ما في الشهداءِ الذين قتلوا في سبيل اللَّه مع رسول اللَّه قبل أَن يرحل عنكم، فادفنوني معهم. فدفنوه معهم،

فيزعمون أَن رسول اللَّه قال فيه: إِن مَثَلَه في قَوْمه كَمَثَلِ صاحب يَس في قومه (٤).

وقال قتادة في قوله تعالى: ﴿لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾، (٥) قالها الوليد بن المغيرة المخزومي أَبو خالد قال: لو كان ما يقول محمد حقاً أُنزل القرآن عَلَيّ، أَو على عروة بن مسعود الثقفي. قال «والقريتان»: مكة والطائف (٦).

وكان عروة يشبه بالمسيح في صورته.

روى عنه حذيفة بن اليمان أن النبي قال: «لقنوا موتاكم لا إِله إِلا اللَّه فإِنها تهدم


(١) في سيرة ابن هشام ٢/ ٥٣٧: «نخوة الامتناع».
(٢) في سيرة ابن هشام: «رجاء».
(٣) العلية- بكسر العين وضمها-: «الغرفة.»
(٤) سيرة ابن هشام: ٢/ ٥٣٧، ٥٣٨.
(٥) سورة الزخرف، آية: ٣١.
(٦) ينظر تفسير ابن كثير ط الحلبي: ٤/ ١٢٦، ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>