أبى طالب. فقال. واللَّه ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل على، وقد أعطيتك ما سألت. ولقي ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي. فأعلمه ما يريد، ودعاه إلى أن يكون معه، فأجابه إلى ذلك.
وظل ابن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضحك الصبح. فقام ابن ملجم، وشبيب بن بجرة، فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السّدّة التي يخرج منها على -
قال الحسن بن علي: فأتيته سحيرا، فجلست إليه فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي، فملكتني، عيناي وأنا جالس، فسنح لي رسول اللَّه ﷺ، فقلت: يا رسول اللَّه، ما لقيت من أمتك من الأود واللّدد فقال لي: ادع اللَّه عليهم. فقلت: اللَّهمّ أبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا لهم منى. ودخل ابن التّيّاح المؤذن على ذلك فقال:«الصلاة»، فقام يمشى ابن التياح بين يديه وأنا خلفه، فلما خرج من الباب نادى:«أيها الناس، الصلاة الصلاة»، كذلك كان يصنع كل يوم يخرج ومعه درته يوقظ الناس فاعترضه الرجلان. فقال بعض من حضر: ذلك بريق السيف، وسمعت قائلا:«يقول اللَّه الحكم يا علي لا لك» ثم رأيت سيفا ثانيا فضربا جميعا، فأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، فسمع على يقول:«لا يفوتنكم الرجل». وشدّ الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ ابن ملجم فأدخل على عليّ، فقال: أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولىّ دمي: عفو أو قصاص، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. فقالت أم كلثوم بنت عليّ: يا عدوّ اللَّه، قتلت أمير المؤمنين! قال: ما قتلت إلا أباك. قالت: واللَّه إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس. قال: فلم تبكين إذا ثم قال: واللَّه لقد سممته شهرا - يعنى سيفه - فإن أخلفنى أبعده اللَّه وأسحقه.
وبعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب على، فقال: أي بنى، انظر كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فذهب فنظر إليه، ثم رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه.
فقال الأشعث: عيني دميغ (١) ورب الكعبة.
قال: ومكث عليّ يوم الجمعة ويوم السبت وبقي ليلة الأحد لإحدى عشرة بقيت من شهر رمضان من سنة أربعين، وتوفى رضوان اللَّه عليه، وغسّله الحسن والحسين وعبد اللَّه بن جعفر، وكفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص.