للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالهجرة تقلّد سيفه، وتنكّب قوسه، وانتضى في يده أُسهماً، واختصَرَ عنزته (١)، ومضى قِبَل الكعبة، والمَلأَ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أَتى المقام فَصلى متمكناً، ثم وقف على الحَلَق (٢) واحدة واحدة، وقال لهم: شَاهَتِ (٣) الوجوه، لا يُرْغِمُ اللَّه إِلا هذه المعاطس (٤)، من أَرادَ أَن تَثْكُله أُمّه، ويُوتِمِ ولده، ويُرْمِل زوجته، فليلقني وراءَ هذا الوادي. قال علي:

فما تبعه أَحد إِلا قوم من المستضعفين عَلَّمَهم وأَرشدهم وَمَضَى لوجهه.

أَنبأَنا عبيد اللَّه بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع، عن عبد اللَّه بن عمر، عن أَبيه عمر بن الخطاب قال: لما اجتمعنا للهجرة اتَّعدتُ أَنا وعيّاش بن أَبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، قلنا: الميعاد بيننا «التَّنَاضِب (٥)» من أَضاة بني غفار، فمن أَصبح منكم لم يأْتها فليمض صاحباه. فأَصبحتُ عندها أَنا وعياش بن أَبي ربيعة، وحُبِس عنا هشام، وفُتِن فافتتن. وقدمنا المدينة.

قال إِبن إِسحاق: نزل عمر بن الخطاب، وزيد بن الخطاب، وعمرو وعبد اللَّه ابنا سراقة، وحنيس بن حُذَافة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وواقد بن عبد اللَّه، وخَوْلى بن أَبي خَوْلى، وهلال بن أَبي خَوْلى، وعياش بن أَبي ربيعة، وخالد وإِياس وعَاقِل بنو البُكير - نزل هؤلاء على رفاعة بن المنذر، في بني عمرو بن عوف (٦).

أَنبأَنا أبو الفضل عبد اللَّه بن أحمد بن عبد القاهر، أَنبأَنا أَبو بكر أَحمد بن علي بن بدران، أَنبأَنا أَبو محمد الحسن بن علي الفارسي، أَنبأَنا أَبو بكر القُطَيعي، أَنبأَنا عبد اللَّه بن أَحمد، حدثني أَبي، حدثنا عمرو بن محمد أبو سعيد، حدثنا إِسرائيل، عن أَبي إِسحاق، عن البراءِ ابن عازب قال: أَوّل من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أخو بني فهر. ثم قدم علينا عمرُ بن الخطاب في عشرين راكباً، فقلنا: ما فعل رسول اللَّه ؟ قال: هو على أَثري. ثم قدم رسول اللَّه وأبو بكر معه


(١) العنزة- بفتح العين والزاي-: مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا، وفيها مثل سنان الرمح. واختصرها: أمسكها بيده.
(٢) الحلق- بفتحتين- واحدها: حلقة، أراد حلقات القوم.
(٣) أي: قبحت.
(٤) المعاطس: الأنوف، واحدها معطس، لأن العطاس يخرج منها.
(٥) التناضب: اسم موضع.
(٦) مضى هذا الأثر مطولا بهذا السند، في ترجمة أبى بكر الصديق، ينظر: ٣/ ٣١٥ - ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>