للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدنى (١) على فلان، فإنه قد ظلمني. قال: فرفع الدرة فخفق بها رأسه فقال: تدعون أمير المؤمنين وهو معرض (٢) لكم، حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه: أعدنى أعدنى! قال: فانصرف الرجل وهو يتذمّر - قال: عليّ الرجل. فألقى إليه المخفقة (٣) وقال: امتثل. فقال: لا واللَّه، ولكن أدعها للَّه ولك. قال: ليس هكذا، أما أن تدعها للَّه إرادة ما عنده أو تدعها لي، فأعلم ذلك. قال: أدعها للَّه. قال: فانصرف. ثم جاء يمشى حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين وجلس فقال: يا ابن الخطاب، كنت وضيعا فرفعك اللَّه، وكنت ضالا فهداك اللَّه، وكنت ذليلا فأعزك اللَّه، ثم حملك على رقاب الناس فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غدا إذا أتيته؟ قال: فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض.

قال: وحدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين المهتدي، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد اللَّه بن محمد، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن بن مليكة قال: بينما عمر قد وضع بين يديه طعاما إذ جاء الغلام فقال: هذا عتبة بن فرقد (٤) بالباب، قال: وما أقدم عتبة؟ ائذن له. فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه:

خبز وزيت. قال: اقترب يا عتبة فأصب من هذا. قال: فذهب يأكل فإذا هو طعام جشب (٥) لا يستطيع أن يسيغه. قال: يا أمير المؤمنين، هل لك في طعام يقال له: الحوّارى (٦)؟ قال:

ويلك، ويسع ذلك المسلمين كلهم؟ قال: لا واللَّه. قال: ويلك يا عتبة، أفأردت أن آكل طيّبا في حياتي الدنيا وأستمتع؟.

وقال محمد بن سعد: أنبأنا الوليد بن الأغر المكيّ، حدّثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم قال: دخل عمر بن الخطاب على حفصة ابنته، فقدمت إليه مرقا باردا [وخبزا] (٧) وصبّت في المرق زيتا، فقال: أدمان في إناء واحد! لا أذوقه حتى ألقى اللَّه ﷿ (٨).


(١) أعداه عليه: نصره وأعانه.
(٢) أي: ظاهر لكم، يقال: أعرض الشيء يعرض من بعيد إذا ظهر.
(٣) المخففة: الدرة.
(٤) في المطبوعة: «عتبة أبى فرقد». وهو خطأ. وقد سبقت ترجمته برقم ٣٥٥١: ٣/ ٥٦٧.
(٥) الجشب: الخشن الغليظ.
(٦) الخبز الحواري- بضم الحاء وتشديد الواو-: الّذي نخل مرة بعد مرة.
(٧) عن الطبقات الكبرى.
(٨) الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣/ ١/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>