للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال. وأَنبأَنا أَبي، أَنبأَنا أَبو الحسن علي بن أَحمد بن منصور الفقيه، حدثنا أَبو بكر الخطيب، حدثنا محمد بن أَحمد بن رزق، حدثنا أَحمد بن علي بن عبد الجبار بن خيرويه أَبو سهل الكَلْوَذَانِي، حدثنا محمد بن يونس القرشي (١)، حدثنا روح بن عبادة، عن عوف عن قسامة بن زهير قال: وقف أَعرابي على عمر بن الخطاب فقال:

يا عُمَرَ الخير جُزِيت الجَنَّة … جَهِّز بُنَيَّاتي واكسْهُنَّه

أُقْسِمُ باللَّه لَتَفْعَلَنَّه

قال: فإِن لم أَفعل يكون ماذا يا أَعرابي؟ قال: أَقْسِم باللَّه لأَمْضِيَنَّه. قال: فإِن مَضَيتَ يكون ماذا يا أَعرابي؟ قال:

واللَّه عَنْ حَالي لتسألنّه … ثمّ تكون المسألات عنّه

والواقف المسئول بَيْنَهنَّه … إِما إِلى نَارٍ وإِمَّا جَنَّة

قال: فبكى عمر حتى اخضَلَّت لحيته بدموعه، ثم قال: يا غلام، اعطه قميصي هذا، لذلك اليوم لا لشعره، واللَّه ما أَملك قميصاً غيره!.

وروى زيد بن أَسلم، عن أَبيه أَن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإِذا هو بامرأَة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإِذا قدْر على النار قد ملأَتها ماء، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال: يا أَمة اللَّه، أَيْشٍ بكاءُ هؤلاءِ الصبيان؟ فقالت: بكاؤهم من الجوع. قال: فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت: قد جعلت فيها ماءً أُعَللّهم بها حتى يناموا، أُوهمهم أَن فيها شيئاً من دقيق وسمن. فجلس عمر فبكى، ثم جاءَ إِلى دار الصدقة فأَخذ غرَارة، وجعل فيها شيئاً من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأَ الغرارة، ثم قال: يا أَسلم، احمل عليّ.

فقلت: يا أَمير المؤمنين، أَنا أَحمله عنك! فقال لي: لا أُمَّ لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسئول عنهم في الآخرة - قال: فحمله علي عنقه، حتى أَتى به منزل المرأَة - قال: وأَخذ القدر، فجعل فيها شيئاً من دقيق وشيئاً من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر - قال أَسلم: وكانت لحيته عظيمة، فرأَيت الدخان يخرج من خَلَل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وَرَبَض بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه


(١) كذا، ومثله في مخطوطة دار الكتب «١١١» مصطلح حديث، ولعله: «محمد بن يونس الكديمي»، ينظر التهذيب:
٩/ ٥٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>