للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال:] (١) وأنبأنا عمرو بن عبد اللَّه بن عَنْبَسة، عن أَبي النضر، عن عبد اللَّه البهي - دخل حديث بعضهم في بعض - أَن أَبا بكر الصدّيق لما مرض دعا عبد الرحمن - يعني ابن عوف - فقال له: أَخبرني عن عمر بن الخطاب. فقال عبد الرحمن:

ما تسأَلني عن أَمر إِلا وأَنت أَعلم به مني! قال أَبو بكر: وإِن! فقال عبد الرحمن: هو واللَّه أَفضل من رأْيك فيه، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أَخبرني عن عمر. فقال: أَنت أَخبرنا به! فقال: على ذلك يا أَبا عبد اللَّه. فقال عثمان: اللَّهمّ عِلْمي به أَن سريرته خير من علانيته، وأَن ليس فينا مثله! فقال أَبو بكر: يرحمك اللَّه! واللَّه لو تركتهُ ما عدوتك. وشاوَرَ معهما سعيد ابن زيد أَبا الأَعور (٢)، وأَسيد بن حُضَير وغيرهما من المهاجرين والأَنصار، فقال أَسيد:

«اللَّهمّ أَعلمه الخِيَرة (٣) بعدك، يرضى للرضى، ويسخط للسخط، الذي يُسِرّ خير من الذي يُعْلِن، ولن يَليَ هذا الأَمر أَحد أَقوى عليه منه»، وسَمِعَ بعضَ أَصحاب رسول اللَّه بدخول عبد الرحمن وعثمان على أَبي بكر وخَلْوتهما به، فدخلوا على أَبي بكر، فقال له قائل منهم:

«ما أَنت قائل لربك إِذا سأَلك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته؟» فقال أَبو بكر:

أَجلسوني، أباللَّه تخوفونني؟ خاب من تزوّد من أَمركم بظلم، أَقول: «اللَّهمّ، استخلفت عليهم خير أَهلك، أَبْلِغْ عني ما قلت لك مَنْ وَرَاءَك» ثم اضطجع، ودعا عثمان بن عفان فقال: اكتب:

«﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾، هذا ما عَهد أَبو بكر بن أَبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أَوَّل عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يُؤمِنُ الكافر، ويُوقِنُ الفاجر، ويصدقُ الكاذب، أَنني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأَطيعوا، وإِني لم آل اللَّه ورسوله ودينه ونفسي وإِياكم خيراً، فإِن عدل فذلك ظني به، وعلمي فيه، وإِن بَدّل فلكل امرئٍ ما اكتسب والخيرَ أَردتُ، ولا أَعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أَيّ منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة اللَّه». ثم أَمر بالكتاب فختمه، ثم أَمره فخرج بالكتاب مختوماً ومعه عمر بن الخطاب،


(١) ما بين القوسين عن الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣/ ١/ ١٤١ ونحسبه سقط نظر.
(٢) في المطبوعة: «سعيد بن زيد وأبا الأعور». وهو خطأ، «أبو الأعور»: هي كنية سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، ابن عم عمر بن الخطاب، ينظر ترجمته فيما مضى، وهي برقم ٢٠٧٥: ٢/ ٣٨٧، كما ينظر الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣/ ١/ ١٤١.
(٣) الخيرة- بكسر الخاء، وفتح الياء وسكونها-: المختار والمصطفى، من قولك: اختاره اللَّه، ومنه قيل: «محمد خيرة اللَّه من خلقه».

<<  <  ج: ص:  >  >>