للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان ما يقول محمد حقاً لنحن شر من الحَمير، فقال عمير: أَشهد إِنه لصادق، وإِنك شر من الحمير. وقال: واللَّه إِنى لأَخشى إِن كتمتها عن النبي أن ينزل القرآن، وأن أخلط بخطيئة، وَلَنِعم الأَب هو لي! فأَخبر النبي فدعا رسول اللَّه الجُلَاس فعرَّفه، فتحالفا، - فجاء الوحيْ فسكتوا - وكذلك كانوا يفعلون

-فرفع رسول اللَّه رأسه وقرأَ: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾ … الآية إِلى قوله: ﴿فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ﴾ (١) فقال الجلاس أَتوب إِلى اللَّه، ولقد صدق (٢).

وكان الجلاس قد حلف أَن لا ينفق على عمير، فراجع النفقة عليه توبةً منه.

قال عروة: فما زال عمير في عَلياءَ بعد هذا حتى مات.

وأَما هذه القصة فجعلها ابن منده وأَبو نعيم في عمير بن عبيد، ونذكره إِن شاءَ اللَّه تعالى.

وأَما قوله تعالى: ﴿وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، فإن مولى للجلاس قتل في بنى عمرو بن عوف، فأَبى بنو عمرو أَن يعقلوه. فلما قدم النبي المدينة جعل عقله على بني عمرو بن عوف (٣).

وقال ابن سيرين: لما نزل القرآن أَخذ النبيّ بأذن عمير، وقال: «يا غلام، وَفَتْ أذنك، وصَدَقك ربك».

وكان عمر بن الخطاب قد استعمل عُمَير بن سعد هذا على حِمْص. وزعم أَهل الكوفة أَن أَبا زيد الذي جمع القرآن على عهْد رسول اللَّه اسمه سعد وأَنه والد عمير هذا. وخالفهم غيرهم، فقالوا اسم أَبي زيد: قيس بن السكن.

وما أَبعد قول من يقول إِنه والد عمير هذا - من الصواب، فإِن أَبا زيد قال أَنس: «هو أَحد عمومتي»، وأَنس من الخزرج، وهذا عمير من الأَوس، فكيف يكون ابنه؟! ومات عمير هذا بالشام، وكان عمر بن الخطاب يقول: وَدِدْتُ لو أَن لي رَجُلاً مثل عمير، أَستعين به على أَعمال المسلمين.

أَخرجه الثلاثة.

شُهِيد: بضم الشين المعجمة.


(١) سورة التوبة، آية: ٧٤.
(٢) ينظر الآثار المروية في ذلك في تفسير الطبري: ١٤/ ٣٦١.
(٣) تفسير الطبري: ١٤/ ٣٦٦، ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>