وهو مشهور بكنيته، ويذكر فيها إن شاء اللَّه تعالى أتم من هذا. وكان من أفاضل الصحابة وفقهائهم وحكمائهم.
روى عنه أنس بن مالك، وفضالة بن عبيد، وأبو أمامة، وعبد اللَّه بن عمر، وابن عبّاس وأبو إدريس الخولانيّ، وجبير بن نفير، وابن المسيّب، وغيرهم.
تأخر إسلامه، فلم يشهد بدرا، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد مع رسول اللَّه ﵌، وقيل: إنه لم يشهد أحدا، وأوّل مشاهده الخندق.
وآخى رسول اللَّه ﵌ بينه وبين سلمان الفارسي.
روى أيوب، عن أبي قلابة أن أبا الدرداء مرّ على رجل قد أصاب ذنبا، وكانوا يسبونه، فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى. قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا اللَّه الّذي عافاكم. قالوا: أفلا نبغضه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي، وروى صالح المري، عن جعفر بن زيد العبديّ: أن أبا الدرداء لما نزل به الموت بكى، فقالت له أم الدرداء: وأنت تبكى يا صاحب رسول اللَّه؟! قال: نعم، وما لي لا أبكى ولا أدرى علام أهجم من ذنوبي.
وقال شميط بن عجلان: لما نزل بأبي الدرداء الموت جزع جزعا شديدا، فقالت له أم الدرداء:
ألم تك تخبرنا أنّك تحب الموت؟ قال: بلى وعزّة ربى، ولكن نفسي لما استيقنت الموت كرهته، ثمّ بكى وقال: هذه آخر ساعاتي من الدنيا، لقّنونى «لا إله إلّا اللَّه» فلم يزل يرددها حتى مات.
وقيل: دعا ابنه بلالا فقال: ويحك يا بلال! اعمل للساعة، اعمل لمثل مصرع أبيك، واذكر به مصرعك وساعتك، فكأن قد، ثمّ قبض.
وتوفى قبل عثمان بسنتين، قيل: توفى سنة ثلاث أو اثنتين وثلاثين بدمشق، وقيل:
توفى بعد صفّين سنة ثمان أو تسع وثلاثين. والأصح والأشهر والأكثر عند أهل العلم أنه توفى في خلافة عثمان، ولو بقي لكان له ذكر بعد قتل عثمان إما في الاعتزال، وإما في مباشرة القتال، ولم يسمع له بذكر فيهما البتة، واللَّه أعلم.