للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعاتب رسول اللَّه فيها أَحداً تخلَّف، للسرعة - وأَما تبوك فتخلف عنها لشدة الحرّ.

وهو أَحد ﴿الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ، أَنْفُسُهُمْ﴾، وهم: كعب بن مالك، ومُرَارة بن ربيعة، وهلال بن أُمية، فأَنزل اللَّه ﷿ فيهم: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ﴾ (١) .. الآيات، فتاب عليهم. والقصة مشهورة، ولبس كعب يوم أَحد لأمه (٢) النبيّ ، وكانت صفراء، ولبس النبيّ لَأْمْتَه، فجرح كعب يوم أُحد إِحدى عشرة جراحة.

وكان من شعراءِ رسول اللَّه ، قال ابن سيرين: كان شعراء النبي : حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد اللَّه بن رَواحة. فكان كعب بن مالك يخوّفهم الحرب، وكان حسان يقبل على الأَنساب، وكان عبد اللَّه بن رَوَاحة يعيرهم بالكفر - قال ابن سيرين: فبلغني أَن دَوساً إِنما أَسلمت فَرَقاً من قول كعب بن مالك (٣).

قضينا من تهامة كلّ وتر … وخيبر ثُمَّ أَغْمَدْنَا السُّيُوفَا (٤)

نُخَيِّرها (٥)، ولو نَطَقَتْ لَقَالَتْ … قَوَاطِعُهُن: دَوساً أَو ثَقيفا

فقالت دوس: انطلقوا فخذوا لأَنفسكم لا يَنزِلُ بكم ما نزل بثقيف.

روى عنه أَبو جعفر محمد بن علي، وعمر بن الحكم بن ثَوبان، وغيرهما.

أَنبأَنا إِبراهيم بن محمد وغيره قالوا بإِسنادهم عن محمد بن عيسى: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أَبيه قال: لم أَتخلف عن النبيّ في غزوة غَزَاها حتى كانت تبوك إِلا بدراً، ولم يعاتب النبيّ أَحداً تخلَّف عن بدر، إِنما خرج يريد العِير، فخرجت قريش مُغَوِّثين (٦) لعيرهم، فالتقوا عن غير موعد. وَلَعَمْرِي إِن أَشهر مشاهد رسول اللَّه في الناس لبدرٌ، وما أحب أَني كنت شَهدتها مكان


(١) سورة التوبة، آية: ١١٨.
(٢) الأمة: الدرع.
(٣) القصيدة في سيرة ابن هشام: ٢/ ٤٧٩، ٤٨٠.
(٤) رواية البيت في السيرة:
قضينا من تهامة كل ريب … وخيبر ثم أجممنا السيوفا
وأجممنا: أرحنا.
(٥) في المخطوطة: «تخبرنا». والمثبت عن السيرة. والمعنى: أننا نخيرها، ولو نطقت السيوف لاختارت أن تحارب دوسا أو ثقيفا.
(٦) لفظ الترمذي: «مغيثين». وما في أسد الغابة موافق للفظ مسند الإمام أحمد: ٦/ ٣٨٧.
وقال في النهاية: «وفي حديث توبة كعب: فخرجت قريش مغوثين لعيرهم: أي مغيثن فجاء بد على الأصل ولم يعله كاستحوذ واستنوق، ولو روى: «مغوثين» بالتشديد من غوث- بمعنى أغاث- لكان وجها».

<<  <  ج: ص:  >  >>