للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفد على النبيّ وكتب له كتاباً فيه إقطاع. ذكر حديثه أهل الغريب وأهل الأخيار بطوله، لما فيه من العريب. ورواية أهلِ الحديثِ له مختصرَة.

روى أبو إسحاق الهمداني قال: قدم وفد هَمْدَان على رسول اللَّه ، منهم: مالك ابن نَمَط أبو ثور، وهو ذو المشعار، ومالك بن أيفع، وضِمَام (١) بن مالك السلماني، وعَمِيرة ابن مالك الخارفي، لقُوا رسولَ اللَّه مَرْجعَه من تبوك، وعليهم مقطعات الحِبَرَات والعمائم العدنية، على الرواحل المهرية والأرحْبية، ومالك بن نَمَط يرتجز بين يَدَي رسول اللَّه يقول:

إلَيكَ جَاوَزْنَ (٢) سَوَادَ الرِّيفِ … في هَبَوَاتِ (٣) الصّيف وَالخَرِيفِ

مُخَطَّمَات بِحِبَالِ اللِّيفِ (٤)

وذكر له كلاماً كثيراً فصيحاً، فكتب لهم رسول اللَّه كتاباً، وأقطعهم فيه ما سألوه، وأمَّر عليهم مالك بن نَمَطِ، واستعمله على من أسلم من قومه، وأمره بقتال ثقيف: فكان لا يخرج لهم سَرْحٌ إلاَّ أغار عليه. وكان ابن نمط شاعراً، فقال في ذلك:

ذَكَرْتُ رَسُولَ اللَّه فِي فَحْمَةِ الدُّجَى … وَنَحْنُ بِأَعْلَى رَحْرَحَان وَصَلْدَدِ (٥)

وَهُنَّ بنا خَوصٌ طَلَائِح تغتلى … برُكْبانِها في لاحِب مُتَمَددِ (٦)

عَلَى كلِّ فَتْلاءِ الذِّرَاعَيْن جَعْدَة … تَمُرُّ بِنَا مَرَّ الهِجَفِّ الخَفَيْدَدِ (٧)

حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّاقِصَاتِ إلَى مِنىً … صَوَادِرَ بِالرُّكْبَانِ من هضب قردد (٨)


(١) في المطبوعة: «صمام»، بالصاد المهملة، ومثله في الاستيعاب: ٣/ ١٣٦٠. ولم يترجم له ترجمة مستقلة في هذين الكتابين: أسد الغابة، والاستيعاب. على أنه قد تقدم في باب «الضاد» ترجمة لضمام بن زيد الهمدانيّ: ٣/ ٥٨. وجاء الحافظ ابن حجر، فترجم لضمام بن زيد، ولضمام بن مالك السلماني: ٣/ ٢٠٣، ونقل عن الرشاطى أنهما واحد. وقد ورد «ضمام ابن مالك السلماني» في سيرة ابن هشام، عند الحديث عن وفد همدان: ٢/ ٥٩٦، ٥٩٧.
(٢) في المطبوعة: «جاوزت». والمثبت عن سيرة ابن هشام: ٢/ ٥٩٧، والاستيعاب: ٣/ ١٣٦٠.
(٣) السواد: القرى. والريف: الأرض القريبة من الأنهار والمياه الغزيرة. والهبوات: جمع هبوة، وهي الغبرة.
(٤) المخطمات: التي لها خطم، وهي الحبال التي تشد في رءوس الإبل، على آنافها.
(٥) الفحمة: السواد. ورحرحان وصلدد: موضعان.
(٦) الخوص: جمع خوصاء، وهي غائرة العين. وطلائح: معيية، يقال: فاقة طليح، وفي حديث إسلام عمر، «فما برج يقاتلهم حتى طلح»، أي: أعيا. وتغتلى: تسرع في سيرها. واللاحب: الطريق البين.
(٧) في سيرة ابن هشام مكان «جعدة»: «جسرة». والجعدة: الناقة المجتمعة الخلق الشديدة. والجسرة بمعناها. والهجف:
الذكر الضخم من النعام. والخفيدد بمعناه.
(٨) الراقصات: الإبل. والرقص- بفتحتين-: ضرب من السير فيه حركة. وصوادر: رواجع. والقردد:
ما ارتفع من الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>