للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عثمان مروان، وضمّه إليه، ونظر إليه عليّ يوما فقال: ويلك، وويل أمة محمد منك ومن بنيك! وكان يقال لمروان: «خيط (١) باطل»، وضرب يوم الدار على قفاه، فقطع أحد علباويه (٢) فعاش بعد ذلك أوقص، والأوقص الّذي قصرت عنقه.

ولما بويع مروان بالخلافة بالشام قال أخوه عبد الرحمن بن الحكم - وكان ماجنا حسن الشعر، لا يرى رأى مروان:

فو اللَّه ما أدرى وإنّي لسائل … حليلة مضروب القفا: كيف تصنع؟

لحا اللَّه قوما أمّروا خيط باطل … على النّاس، يعطى ما يشاء ويمنع

وقيل: إنما قال عبد الرحمن هذا حين استعمل معاوية مروان على المدينة.

واستعمله معاوية على المدينة، ومكة، والطائف. ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، واستعمل عليها سعيد بن أبي العاص، وبقي عليها أميرا إلى سنة أربع وخمسين، ثم عزله واستعمل الوليد بن عتبة (٣) بن أبي سفيان، فلم يزل عليها إلى أن مات معاوية. ولما مات معاوية بن يزيد بن معاوية، ولم يعهد إلى أحد، بايع بعض الناس بالشام مروان بن الحكم بالخلافة، وبايع الضحاك بن قيس الفهري بالشام أيضا لعبد اللَّه بن الزبير، فالتقيا واقتتلا بمرج راهط عند دمشق، فقتل الضحاك، واستقام الأمر بالشام ومصر لمروان. وتزوّج مروان أم خالد بن يزيد ليضع من خالد، وقال يوما لخالد: يا ابن الرطبة الاست! فقال له خالد: «أنت مؤتمن خائن» وشكى خالد ذلك يوما إلى أمه، فقالت: لا تعلمه أنك ذكرته لي. فلمّا دخل إليها مروان قامت إليه مع جواريها، فغمّته حتى مات (٤).

وكانت مدّة ولايته تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر، ومات. وهو معدود فيمن قتله النساء.


(١) قال الثعالبي في «ثمار القلوب في المضاف والمنسوب» ٧٦: «وكان مروان بن الحكم يقال له: «خيط باطل»، لأنه كان طويلا مضطربا».
(٢) في المطبوعة: «علياوية» بالياء. وهو خطأ. وعلباويه: مثنى علباء- بكسر العين وسكون اللام، وهما: «العصبتان الصفراوان الممتدتان في طول العنق إلى الكاهل، بينهما النقرة». ينظر كتاب خلق الإنسان لثابت: ٢٠٢.
(٣) في المصورة: «عقبة بن أبي سفيان». والصواب ما في المطبوعة. وينظر كتاب نسب قريش: ١٣٢.
(٤) قال ابن قتيبة في المعارف ٣٥٤: «ويقال: إنه قال لخالد بن يزيد بن معاوية: يا ابن الرطبة- وكانت تحته- وبلغها، فقعدت على وجهه فقتله». وذكر المسعودي ذلك في مروج الذهب ٢/ ٦٩، وقال: «فمنهم من رأى أنها وضعت على نفسه وسادة، وقعدت فوقها مع جواريها حتى مات، ومنهم من رأى أنها أعدت له لبنا مسموما … ». وينظر أيضا «كتاب أسماء المغتالين من الأشراف» لمحمد بن حبيب: ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>