للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حُرٌّ» فإن كنتم تاركيه لذلك فدعُوه، لا تُفْسدوا عليّ غلامي! فقالوا: بل نبتاعه منك بعشر قَلَائص (١). فأقبل بها يسوقها، وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال: دُونكم، هو هذا. فجاءَ القوم فقالوا: قد اشتريناك. فقال سُوَيبط: هو كاذب، أنا رجل حر. فقالوا: قد أخبرَنَا خبرك. فطرحُوا الحبل في رقبته، وذهبوا به. وجاءَ أبو بكر فأُخبِر، فذهب هو وأصحاب له، فردُّوا القلائص وأخذوه، فلمّا عادوا إلى النبي أخبروه (٢) الخبر، فضحك النبي وأصحابه منها حَوْلاً (٣).

وروى عَبّاد بن مُصعَب، عن ربيعة بن عثمان قال: أتى أعرابي إلى رسول اللَّه ، فدخل المسجد وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض أَصحاب النبي لنعيمان: لو نحرتها فأكلناها، فإنا قد قَرِمنا (٤) إلى اللحم، ويَغرَم رسول اللَّه ثمنها؟ قال: فنحرها نُعَيمان، ثم خرج الأعرابي فرأى راحلته، فصاح: وا عقراه يا محمد! فخرج النبي فقال: من فعل هذا؟ فقالوا: نعيمان: فاتبعه يسأل عنه، فوجدوه في دار ضُباعة بنت الزبير بن عبد المطلب مستخفياً، فأشار إليه رجل ورفع صوته يقول: ما رأيته يا رسول اللَّه. وأشار بإصبعه حيث هو، فأخرجه رسول اللَّه ، فقال له: ما حملك على هذا؟ قال: الذين دلوك عليّ يا رسول اللَّه، هم الذين أمروني. فَجَعَل رسولُ اللَّه يمسح وجهه ويضحك، وغرِم ثمنها (٥).

وأخباره في مُزَاحه مشهورة. وكان يشرب الخمر، فكان يُؤتَى به النبيَّ ، فيضربه بنعله، ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم، ويحثون عليه التراب. فلما كثر ذلك منه قال له رجل من أصحاب النبي : لعنك اللَّه! فقال النبي : لا تفعل، فإنه يحب اللَّه ورسوله.

أخرجه الثلاثة، إلا أن أبا نعيم قال: «نعيمان صاحب سُوَيبط»، ولم ينسبه، فربما يظن ظان أنه غير هذا، وأننا تركناه.


(١) القلائص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة.
(٢) في المصورة والمطبوعة: «وأخبروه»، فحذفنا الواو ليستقيم السياق.
(٣) أخرجه الإمام أحمد عن روح، عن زمعة بن صالح باسناده نحوه: ٦/ ٣١٦، وأنظره في عيون الأخبار لابن قتيبة:
١/ ٣١٦، ٣١٧، والمعارف له: ٣٢٨، ٣٢٩، والاستيعاب: ٤/ ١٥٢٦، ١٥٢٧.
(٤) القرم- بفتحتين-: شدة الشبوة إلى اللحم.
(٥) الاستيعاب: ٤/ ١٥٢٧، ١٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>