للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبرنا أبو جعفر بإسناده، عن يونس، عن ابن إسحاق، فيمن هاجر إلى أرض الحبشة: أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس (١) قتل يوم اليمامة شهيدا، وكانت معه امرأته بأرض الحبشة سهلة بنت سهيل بن عمرو، أخي بنى عامر بن لؤيّ، ولدت له بأرض الحبشة: محمد بن أبي حذيفة، لا عقب له، وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق في تسمية من شهد بدرا: وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة.

وكان من فضلاء الصحابة، جمع اللَّه له الشرف. والفضل. وكان إسلامه قبل دخول رسول اللَّه دار الأرقم. ولما هاجر إلى الحبشة عاد منها إلى مكة، فأقام مع رسول اللَّه حتى هاجر إلى المدينة، وآخى رسول اللَّه بينه وبين عباد بن بشر الأنصاري، وشهد المشاهد كلها مع رسول اللَّه ، وقتل يوم اليمامة شهيدا، وهو ابن ثلاث - أو: أربع - وخمسين سنة.

يقال: اسمه مهشّم، وقيل: هشيم. وقيل: هاشم.

وكان طويلا، حسن الوجه، أحول أثعل - والأثعل: الّذي له سن زائدة - وفيه تقول أخته هند بنت عتبة، حين دعي إلى البراز يوم بدر - فمنعه النبي من ذلك:

فما شكرت أبا ربّاك من صغر … حتّى شببت شبابا غير محجون

الأحول الأثعل المشئوم طائره … أبو حذيفة شرّ النّاس في الدّين

كذبت! بل كان من خير الناس في الدين، .

وهو مولى سالم الّذي أرضعته زوجته سهلة كبيرا (٢)، وكان سالم أيضا من سادات المسلمين.

أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن ابن إسحاق قال: حدّثنى يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: لما ألقوا - يعنى قتلى المشركين - يوم بدر، وقف رسول اللَّه عليهم وقال:

يا عتبة، ويا شيبة، ويا أمية بن خلف، ويا أبا جهل - يعدّد كلّ من في القليب (٣) - هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقّا، فقد وجدت ما وعدني ربى حقّا؟ قال ابن إسحاق: فبلغني أن رسول اللَّه نظر عند مقالته هذه في وجه أبى حذيفة بن عتبة فرآه كئيبا قد تغير، فقال رسول اللَّه :

لعلك دخلك من شأن أبيك شيء؟ قال: لا، واللَّه ما شككت في أبى ولا في مصرعه، ولكني كنت


(١) سيرة ابن هشام: ١/ ٣٢٢، ٣٢٤، ٣٦٥.
(٢) انظر ترجمة «سالم مولى أبى حذيفة»: ٢/ ٣٠٨.
(٣) القليب: البئر.

<<  <  ج: ص:  >  >>