للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحملها شرحبيل ابن حَسَنة إلى المدينة. وقد قيل: إن رسول اللَّه تزوّجها وهي بالمدينة.

روى مسلم بن الحجاج في صحيحه: أن أبا سفيان طلب من النبي أن يتزوجها فأجابه إلى ذلك (١). وهذا مما يُعَدّ من أوهام مُسْلِمْ؛ لأن رسول اللَّه كان قد تزوّجها وهي بالحبشة قبل إسلام أبي سفيان، لم يختلف أهل السِّيَر في ذلك. ولما جاء أبو سفيان إلى المدينة قبل الفتح، لما أوقعت قريش بخزاعة، ونقضوا عهد رسول اللَّه ، فخاف، فجاء إلى المدينة لِيجدّد العهد، فدخل على ابنته أُم حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول اللَّه وقالت: أنت مشرك.

وقال قتادة: لما عادت من الحبشة مهاجرة إلى المدينة خطبها رسول اللَّه ، فتزوّجها.

وكذلك رَوَى الليث، عن عَقِيل، عن ابن شهاب. وروى معمر، عن الزهري: أن رسول اللَّه تزوّجها وهي بالحبشة. وهو أصح. ولما بلغ الخبر إلى أبي سفيان أن رسول اللَّه نكح أُم حبيبة ابنته قال: «ذلك الفحل، لا يُقدَع أنفه (٢)!».

وتزوّجها رسول اللَّه سنة ست، وتوفيت سنة أربع وأربعين. وقيل: إن رسول اللَّه أرسل عمرو بن أُمية الضَّمْرِيّ إلى النجاشي يخطب أُم حبيبة، فزوّجها أياه (٣).

وروى الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن الحسن، عن عبد اللَّه بن عمرو بن زهير، عن إسماعيل بن عمرو: أن أُم حبيبة قالت: ما شعرت وأنا بأرض الحبشة إلا برسول النجاشي جارية، فاستأذَنَت فأذنتُ لها، فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول اللَّه كتب إلي أن أُزَوِّجكَيه، فقلتُ: بشرِك اللَّه بخير. فقالت: يقول الملك: وكلى من يزوّجك. فأرسلت إلى خالد بن سعيد، فوكلته، فأمر النجاشيّ جعفَر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين يحضرون وخطب النجاشيّ وقال: «إن رسول اللَّه كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول اللَّه ، وزوجته أُمَّ حبيبة، فبارك اللَّه لرسوله». ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد (٤).


(١) مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب «من فضائل أبي سفيان بن حرب : ٧/ ١٧١.
(٢) أي: إنه كف، كريم لا يرد. ويروى: «لا يقرع»، بالراء. انظر النهاية لابن الأثير، وطبقات ابن سعد: ٨/ ٧٠.
(٣) طبقات ابن سعد: ٨/ ٧٠.
(٤) أخرجه ابن سعد من طريق عبد اللَّه بن عمرو بن زهير، انظر الطبقات: ٨/ ٦٨ - ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>