للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعبد الكعبة، وعاشت كثيرا، وتوفيت سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب، ولها ثلاث وسبعون سنة. ودفنت بالبقيع، وقيل: إن العوام تزوّجها أولا، وليس بشيء، قاله أبو عمر.

ولما قتل أخوها حمزة وجدت عليه وجدا شديدا، وصبرت صبرا عظيما

أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: حدّثنى الزهري وعاصم بن عمر ابن قتادة ومحمد بن يحيى بن حبّان، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، عن يوم أحد وقتل حمزة، قال: فأقبلت صفيّة بنت عبد المطلب لتنظر إلى حمزة بأحد، وكان أخاها لأمها، فقال رسول اللَّه لابنها الزبير: القها فارجعها، لا ترى ما بأخيها. فلقيها الزبير وقال: أي أمّه، إن رسول اللَّه يأمرك أن ترجعي.

قالت: ولم، فقد بلغني أنه مثل بأخي، وذاك في اللَّه، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأصبرن ولأحتسبن إن شاء اللَّه. فلما جاء الزبير إليه فأخبره قول صفية قال: خل سبيلها. فأتته فنظرت إليه واسترجعت (١)، واستغفرت له ثم أمر به رسول اللَّه فدفن (٢).

قال وحدثنا ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عبّاد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه قال: كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع - حصن حسان بن ثابت، يعنى في وقعة الخندق - قالت: وكان حسان معنا في الحصن مع النساء والصبيان حيث خندق رسول اللَّه ، قالت صفية: فمر بنا رجل يهودي فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها (٣) وبين رسول اللَّه ، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول اللَّه والمسلمون في نحور عدوّهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا عنهم إن أتانا آت، قالت:

فقلت: يا حسان، إن هذا اليهودي يطوّف بالحصن كما ترى، ولا آمنه أن يدل على عوراتنا من وراءنا من يهود، فانزل إليه فأقتله. فقال: يغفر اللَّه لك يا ابنة عبد المطلب! واللَّه لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا! قالت صفية: فلما قال ذلك، ولم أر عنده شيئا، احتجزت (٤) وأخذت عمودا ونزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن


(١) أي قالت: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾.
(٢) سيرة ابن هشام: ٢/ ٩٧.
(٣) في المطبوعة والمصورة: «بيننا». والمثبت عن سيرة ابن هشام.
(٤) أي: شددت وسطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>