للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرقَّ له أبوه وأمره فارتجعها، ثم شهد عبد اللَّه الطائفَ مع رسول اللَّه ، فرُمي بسهم فمات منه بالمدينة، فقالت عاتكة ترثيه:

رُزئتُ بخير الناس بعد نَبِيّهم … وَبَعدَ أبِي بكر، وما كان قَصّرا

فآليتُ لا تنفكُّ عَيني حَزِينةً … عَلَيكَ، ولا يَنفَكّ جلْديَ أَغْبَرَا (١)

فللَّه عَينا مَن رَأى مِثْلَه فَتى … أَكَرّ وَأَحْمَى في الهيَاج وَأَصْبَرَا

إذا شُرعَت فيه الأسنَّة خَاضَها … إلَى المَوْت حَتَّى يَتْرُكَ الرُّمحَ أَحْمَرَا

فتزوّجها زيد بن الخطاب. وقيل: لم يتزوّجها، وقتل عنها يوم اليمامة شهيداً، فتزوجها عمر بن الخطاب سنة اثنتي عشرة، فأولم عليها،

فدعا جمعاً فيهم علي بن أبي طالب، فقال:

يا أمير المؤمنين، دعني أكلم عاتكة. قال: افعل. فأخذ بجانبي الباب وقال: يا عُدَيَّة نفسها، أين قولك:

فآليتُ لا تَنْفَكّ عَيْني حَزينةً … عَلَيك، ولا يَنْفَكّ جلْديَ أَغْبَرَا

فبكت، فقال عمر: ما دعاك إلى هذا يا أبا الحسن؟ كل النساء يفعلن هذا. فقال:

قال اللَّه تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ فقتل عنها عمر، فقالت ترثيه:

عَينُ، جُودِي بِعَبْرَةٍ ونَحِيبِ … لَا تَمَلِّي عَلَى الإمَام النَّحِيبِ

قُلْ لأَهل الضراء والبُؤس: مُوتوا … قَدْ سَقَتْهُ المنونُ كَأْسَ شَعُوب (٢)

ثم تزوجّها الزبير بن العوّام، فقتل عنها، فقالت ترثيه:

غَدَر ابنُ جُرْموز بفَارس بُهْمَة (٣) … يَومَ اللقَاءِ وَكَانَ غَيَر مُعَرِّد (٤)

يَا عَمْرو، لو نَبَّهته لَوَجَدْته … لا طائِشاً رعش الجنان وَلَا اليَد

كم غَمْرَةٍ قَد خَاضَها لَم يَثْنِه … عَنها طرادك يا ابن فقع القردد (٥)


(١) البيت في طبقات ابن سعد: ٨/ ١٩٤، وكتاب نسب قريش: ٢٧٧.
(٢) الشعوب: المنية.
(٣) البهمة: واحدة البهم- بضم ففتح- وهي: معضلات الأمور.
(٤) عرد الرجل تعريدا: فر.
(٥) الفقع: ضرب من أردأ الكمأة- وهي نبات يخرج دون غرس- والقردد: أرض مرتفعة إلى جنب وهدة. وقال أبو حنيفة: الفقع يطلع من الأرض فيظهر أبيض، وهو رديء، والجيد ما حفر عنه واستخرج. ويشبه به الرجل الذليل، لأن الدواب تنجله بأرجلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>