للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوحي؟ فقال رسول اللَّه : أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليّ، فيفصم عنى وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا، فيكلمني فأعى ما يقول، قالت عائشة: فلقد رأيته في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصّد عرقا.

وخرج إلى الشام مجاهدا أيام عمر بن الخطاب بأهله وماله، فلم يزل يجاهد حتى استشهد يوم اليرموك في رجب من سنة خمس عشرة، وقيل: بل مات في طاعون عمواس سنة سبع عشرة، وقيل: سنة خمس عشرة.

ولما توفى تزوج عمر بن الخطاب امرأته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، أخت خالد بن الوليد، وهي أم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

وقال أهل النسب: لم يبق من ولد الحارث بن هشام بعده إلا عبد الرحمن، وأخته أم حكيم.

روى عبد اللَّه بن المبارك عن الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل بن أبي عقرب، قال: خرج الحارث بن هشام من مكة للجهاد، فجزع أهل مكة جزعا شديدا، فلم يبق أحد يطعم إلا خرج يشيعه، فلما كان بأعلى البطحاء وقف ووقف الناس حوله يبكون، فلما رأى جزعهم رقّ فبكى، وقال: يا أيها الناس، إني واللَّه ما خرجت رغبة بنفسي عن أنفسكم، ولا اختيار بلد عن بلدكم، ولكن كان هذا الأمر، فخرجت رجال، واللَّه ما كانوا من ذوى أسنانها، ولا في بيوتاتها، فأصبحنا، واللَّه، ولو أن جبال مكة ذهبا، فأنفقناها في سبيل اللَّه، ما أدركنا يوما من أيامهم، واللَّه لئن فاتونا به في الدنيا لنلتمسنّ أن نشاركهم به في الآخرة، ولكنها النقلة إلى اللَّه تعالى.

وتوجه إلى الشام فأصيب شهيدا.

روى عنه ابنه عبد الرحمن أنه قال: «يا رسول اللَّه، أخبرني بأمر أعتصم به، قال: أملك عليك هذا، وأشار إلى لسانه، قال: فرأيت ذلك يسيرا، وكنت رجلا قليل الكلام، ولم أفطن له، فلما رمته فإذا هو لا شيء شد منه.

وروى حبيب بن أبي ثابت أن الحارث بن هشام، وعكرمة بن أبي جهل، وعياش بن أبي ربيعة جرحوا يوم اليرموك، فلما أثبتوا (١) دعا الحارث بن هشام بماء ليشربه، فنظر إليه عكرمة، فقال: ادفعه إلى عكرمة، فلما أخذه عكرمة نظر إليه عياش، فقال: ادفعه إلى عياش، فما وصل إلى عياش حتى مات، ولا وصل إلى واحد منهم، حتى ماتوا.

أخرجه الثلاثة.

مخربة: بضم الميم وفتح الخاء، وكسر الراء المشددة، وأبير: بضم الهمزة، وفتح الباء الموحدة وعياش: بالياء تحتها نقطتان، وآخره شين معجمة.


(١) أي جرحوا جراحة لم يقوموا منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>