للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل إنه هو الّذي أجار عثمان لما أرسله النبي يوم الحديبيّة إلى مكة وحمله على فرسه، وقال «أسلك من مكة حيث شئت آمنا».

أخبرنا أبو أحمد بن أبي داود، أخبرنا سعيد بن منصور، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري أن عبد اللَّه بن سعيد بن العاص أخبره أنه سمع أبا هريرة أن رسول اللَّه بعث أبان بن سعيد بن العاص على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان وأصحابه على رسول اللَّه بخيبر بعد أن فتحها، وإن حزم خيلهم ليف فقال أبان اقسم لنا يا رسول اللَّه، قال أبو هريرة: فقلت: لا تقسم لهم يا رسول اللَّه. فقال أبان: وأنت بها يا وبر تحدّر من رأس ضال (١)، فقال النبي : اجلس يا أبان، ولم يقسم لهم رسول اللَّه .

واستعمله رسول اللَّه على البحرين لما عزل عنها العلاء بن الحضرميّ، فلم يزل عليها إلى أن توفى رسول اللَّه فرجع إلى المدينة، فأراد أبو بكر أن يرده إليها فقال: «لا أعمل لأحد بعد رسول اللَّه » وقيل: بل عمل لأبى بكر على بعض اليمن، واللَّه أعلم.

وكان أبوه يكنى أبا أحيحة بولد له اسمه أحيحة، قتل يوم الفجار، والعاصي قتل ببدر كافرا؛ قتله على وعبيدة قتل ببدر أيضا كافرا، قتله الزبير، وأسلم خمسة بنين وصحبوا رسول اللَّه ولا عقب لواحد منهم إلا العاصي بن سعيد فجاء العقب منه حسب. ومن ولده سعيد بن العاصي بن سعيد ابن العاصي بن أمية استعمله معاوية على المدينة، وسيرد ذكره، إن شاء اللَّه تعالى، وهو والد عمرو الأشدق، الّذي قتله عبد الملك بن مروان.

وكان أبان أحد من تخلف عن بيعة أبى بكر لينظر ما يصنع بنو هاشم، فلما بايعوه بايع. وقد اختلف في وقت وفاته، فقال ابن إسحاق: قتل أبان وعمرو ابنا سعيد يوم اليرموك، ولم يتابع عليه، وكانت اليرموك بالشام لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة في خلافة عمر.

وقال موسى بن عقبة: قتل أبان يوم أجنادين، وهو قول مصعب والزبير، وأكثر أهل النسب، وقيل: إنه قتل يوم مرج الصّفّر عند دمشق. وكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة اثنتي (٢) عشره في خلافة أبى بكر قبل وفاته بقليل، وكان يوم مرج الصّفّر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر، وقيل كانت الصفر ثم اليرموك ثم أجنادين، وسبب هذا الاختلاف قرب هذه الأيام بعضها من بعض.

وقال الزهري: إن أبان بن سعيد بن العاصي أملى مصحف عثمان على زيد بن ثابت بأمر عثمان، ويؤيد هذا قول من زعم أنه توفى سنة تسع وعشرين، روى عنه أنه خطب فقال: إن رسول اللَّه قد وضع كل دم في الجاهلية».

أخرجه ثلاثتهم.


(١) الوبر: دويبة على قدر السنور، والضال باللام، في اللسان مادة ضيل: مكان أو جبل بعيثة، يريد به توهين أمره وتحقير قدره، قال ابن الأثير: ويروى بالنون، وهو أيضا جبل في أرض دوس، وقيل: أراد به الضأن من الغنم، فتكون ألفه همزة.
(٢) في الاستيعاب ٦٤: سنة ثلاث عشرة، ومثله في جوامع السيرة لابن حزم: ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>