للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما بلغ هذا الشعر أبا سفيان قال: هذا شعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة.

يعني بقوله بنت مخزوم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهي أم أبي طالب، وعبد اللَّه، والزبير، بني عبد المطلب، وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما: هَالة بنت وُهَيب بن عبد مناف بن زهرة، وقوله: عباس وابن أمه، وهو ضرار بن عبد المطلب، أمهما: نُتَيلة، امرأة من النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان، وسمراء أم أبيه الحارث.

قال ابن سيرين: انتدب لهجو رسول اللَّه من المشركين من ذكرنا وغيرهم، فانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان، وكعب بن مالك، وعبد اللَّه بن رَواحة، فكان حسان وكعب يعارضانهم، مثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكرون مثالبهم، وكان عبد اللَّه بن رَوَاحة يعيرهم بالكفر وبعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفَقِهوا كان قول عبد اللَّه أشدَّ القول عليهم.

ونهى عمر بن الخطاب عن إنشاد شيء من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال:

في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن. وقد هدم اللَّه أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.

وقال ابن دريد، عن أبي حاتم، عن أبي عبيدة، قال: فَضَل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام (١).

وقال أبو عبيدة: أجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، وعلى أن أشعر أهل المدر حسان.

وقال الأصمعي: الشعر نَكِد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخبر يضعف (٢). لأن هذا حسانَ كان من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.

وقيل لحسان: لأن شعرك وهرم يا أبا الحسام، فقال للسائل: يا ابن أخي، إن الإسلام يحجُز عن الكذب. يعني أن الإجادة في الشعر هو الإفراط في الذي يقوله، وهو كذب يمنع الإسلام منه، فلا يجئ الشعر جيداً.

أخبرنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن بن أبي عبد اللَّه الطبري الفقيه الشافعي بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا حَوْثَرَة، أخبرنا حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه: أن رسول اللَّه جلد الذين قالوا لعائشة ما قالوا ثمانين ثمانين: حسان بن ثابت، ومِسْطَحَ بن أثَاثَة، وحَمْنةَ بنت جحش.

وكان حسان ممن خاض في الإفك، فجلد فيه في قول بعضهم، وأنكر قوم ذلك، وقالوا: إن عائشة كانت في الطواف، ومعها أم حكيم بنت (٣) خالد بن العاص، وأم حكيم بنت عبد اللَّه بن أبي ربيعة، فذكرتا حسان بن ثابت وسبتاه، فقالت عائشة: إني لأرجو أن يدخله اللَّه الجنة بذَبَه عن النبي بلسانه، أليس القائل:


(١) ينظر الأغاني: ٤ - ١٣٦.
(٢) ينظر الشعر والشعراء: ١ - ٣٠٥.
(٣) في الأصل والمطبوعة: بن.

<<  <  ج: ص:  >  >>