للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من العدوّ، قالت عائشة: فمرّ سعد بن معاذ، عليه درع له مقلّصة (١) قد خرجت منها ذراعه، وفي يده حربة، وهو يقول: (٢)

لبّث قليلا يلحق الهيجا حمل … لا بأس بالموت إذا حان الأجل

فقالت أم سعد: الحق يا بنى، قد واللَّه أخّرت، فقالت عائشة يا أم سعد، لوددت أنّ درع سعد أسبغ مما هي، فخافت عليه [حيث أصاب] (٣) السهم، منه، قال يونس عن ابن إسحاق، قال:

فرماه فيما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: حبّان بن العرقة، وهو من بن عامر بن لؤيّ، فقطع أكحله (٤)، فلما رماه قال: خذها منّى وأنا ابن العرقة، فقال سعد: عرّق اللَّه وجهك في النار، اللَّهمّ إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحبّ إليّ أن أجاهد من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه، وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة، ولا تمتنى حتى تقرّ عيني في بني قريظة.

وهذا حبّان، بكسر الحاء، وبالباء الموحدة، وقيل غير ذلك، وهذا أصح، وهو ابن عبد مناف بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤيّ، وإنما قيل له: ابن العرقة، لأنّ أمّه، وهي امرأة من بنى سهم، كانت طيّبة الريح قال: وحدّثنا يونس عن ابن إسحاق، قال: حدّثنى من لا أتّهم، عن عبد (٥) اللَّه بن كعب بن مالك أنه كان يقول: ما أصاب سعد يومئذ بالسهم إلا أبو أسامة الجشمي حليف بنى مخزوم.

قال: وكان رسول اللَّه حين أصاب سعدا السهم أمر أن يجعل في خيمة رفيدة الأسلمية، في المسجد، ليعوده من قريب.

فلما حضر رسول اللَّه قريظة، وأذعنوا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ.

أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن عبد القاهر الخطيب بإسناده إلى أبى داود الطيالسي، أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يحدّث عن أبي سعيد الخدريّ، قال: لما أرسل رسول اللَّه إلى سعد بن معاذ ليحضر يحكم في قريظة، فأقبل على حمار، فلما دنا من


(١) درع مقلصة: أي مجتمعة منضمة.
(٢) قال السهيليّ في الروض ٢/ ١٩٢: «هو بيت تمثل به، عنى به حمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي».
(٣) عن سيرة ابن هشام: ٢/ ٢٢٧، ومكانه في الأصل: أصيب، وفي المطبوعة: حين أصيب.
(٤) الأكحل: عرق في وسط الذراع، يكثر فصده.
(٥) في الأصل والمطبوعة: عبيد، والمثبت عن سيرة ابن هشام: ٢/ ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>