وروى أنه لما اجتمعت الروم يوم اليرموك استغاث أبو عبيدة عمر فأمده بسعيد بن عامر بن حذيم، وله أخبار عجيبة في زهده لا نطوّل بذكرها.
أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الدمشقيّ إجازة قال: أخبرنا أبى، أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أخبرنا عبد العزيز الكناني، أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر، أخبرنا أبو علي الحسن بن حبيب، أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم البغدادي أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا عبد اللَّه بن نوح، أخبرنا مالك بن دينار، عن شهر بن حوشب، قال: لما قدم عمر حمص أمرهم أن يكتبوا له فقراءهم، فرفع الكتاب، فإذا فيه سعيد بن عامر، قال:
من سعيد بن عامر؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، أميرنا. قال: وأميركم فقير؟ قالوا: نعم. فعجب فقال:
كيف يكون أميركم فقيرا! أين عطاؤه؟ أين رزقه؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، لا يمسك شيئا، قال:
فبكى عمر، ثم عمد إلى ألف دينار فصرّها وبعث بها إليه، وقال: أقرئوه منى السلام، وقولوا له: بعث بها إليك أمير المؤمنين، فاستعن بها على حاجتك، قال: فجاء بها الرسول، فنظر إليها فإذا هي دنانير، فجعل يسترجع، فقالت له امرأته: ما شأنك؟ أصيب أمير المؤمنين؟ قال: أعظم، قالت: فظهرت آية؟ قال: أعظم من ذلك، قالت: فأمر من الساعة؟ قال:
بل أعظم من ذلك، قالت: فما شأنك؟ قال: الدنيا أتتني، الفتنة أتتني، دخلت عليّ، قالت:
فاصنع فيها ما شئت، قال لها: أعندك عون؟ قالت: نعم، فصرّ الدنانير فيها صررا، ثم جعلها في مخلاة، ثم بات يصلى حتى أصبح، ثم اعترض بها جيشا من جيوش المسلمين، فأمضاها كلها، فقالت له امرأته: لو كنت حبست منها شيئا نستعين به!
فقال لها: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: لو اطلعت امرأة من نساء الجنة إلى الأرض لملأت الأرض من ريح المسك.
فإنّي واللَّه ما أختار عليهنّ.
وتوفى بقيسارية من الشام، وهو أميرها سنة تسع عشرة؛ قاله الهيثم بن عدي، وقال أبو نعيم: توفى بالرّقة، وبها قبره، وقيل: توفى بحمص واليا عليها بعد عياض بن غنم. وقيل:
توفى سنة عشرين، وقيل: سنة إحدى وعشرين، وهو ابن أربعين سنة، ولم يعقب.
روى عنه عبد الرحمن بن سابط أن رسول اللَّه ﷺ قال: يدخل فقراء المهاجرين قبل الناس بسبعين عاما.
أخرجه الثلاثة.