وروى: أن النبي صلى الله عليم وسلم قال: «إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم» .
ولأنه في تلك الحالة يتخوف الورود على الله، وقد يحمله ذلك الخوف على أن يتصدق بجميع ماله تقربا إلى الله ويتلفه على الوارث، فيضر به، فلذلك قصر تصرفه على ثلث تركته.
فأما إذا أنفق ماله في لذاته من المطعم والمشرب والملبس.. فإنه يكون من أصل ماله وإن استغرق جميع ماله؛ لأن منفعة نفسه مقدمة على منفعة الورثة.
إذا ثبت هذا: فقد ذكر الشافعي الأمراض المخوفة وغير المخوفة، فبدأ بذكر الحمى، وهي على ضربين: مطبقة وغير مطبقة.
فأما المطبقة: فإنها لا تكون مخوفة في يوم ولا يومين. فإذا أعطى في تلك لحال.. لم يعتبر من الثلث؛ لأن العادة ما جرت بأن الإنسان يضعف بحمى يوم ولا يومين، ولا يخاف منه التلف. فإذا دامت واتصلت.. صارت مخوفة، وما أعطاه في تلك الحال، اعتبر من الثلث؛ لأنه يخاف منها التلف.
وأما غير المطبقة فهي: الغب: التي تجيء يوما وتذهب يوما. والربع: وهي التي تجيء يوما وتذهب يومين، ثم تعود في اليوم الرابع، فهذه الحمى ليست بمخوفة وإن طالت زمانا؛ لأنه وإن ضعف في يوم الحمى، فإنه يقوى في يوم الصحة، فتكون القوة بإزاء الضعف فتتعادلان.
قال الشافعي:(فإن كان معها وجع.. كان مخوفا وذلك مثل البرسام، أو الرعاف الدائم أو ذات الجنب أو الخاصرة أو القولنج) .