للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأزرق، عن سلمة بن نبيط، عن نعيم بن أبي هند، عن نبيط - يعنى ابن شريط - عن سالم ابن عبيد - وكان من أصحاب الصّفّة-: أن النبي لما اشتدّ مرضه أغمي عليه، فلما أفاق قال: مروا بلالا فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصلّ بالناس - قال: ثم أغمي عليه، فقالت عائشة:

إن أبى رجل أسيف (١)، فلو أمرت غيره؟ فقال: أقيمت الصلاة؟ فقالت عائشة: يا رسول اللَّه، إن أبى رجل أسيف، فلو أمرت غيره؟ قال: إنكن صواحبات يوسف، مروا بلالا فليؤذّن، ومروا أبا بكر فليصلّ بالناس. ثم أفاق فقال: أقيمت الصلاة؟ قالوا: نعم. قال: أدعو إلى إنسانا أعتمد عليه. فجاءت بريرة وإنسان آخر، فانطلقوا يمشون به، وإن رجليه تخطّان في الأرض قال: فأجلسوه إلى جنب أبى بكر، فذهب أبو بكر يتأخر، فحبسه حتى فرغ الناس، فلما توفى قال - وكانوا قوما أميين لم يكن فيهم نبي قبله - قال عمر: «لا يتكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي هذا»! قال فقالوا له: اذهب إلى صاحب رسول اللَّه فادعه، يعنى أبا بكر. قال: فذهبت فوجدته في المسجد، قال: فأجهشت أبكى، قال: لعل نبي اللَّه توفى؟ قلت: إن عمر قال: «لا يتكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي هذا»! قال: فأخذ بساعدي ثم أقبل يمشى، حتى دخل، فأوسعوا له. فأكب على رسول اللَّه حتى كاد وجهه يمسّ وجه رسول اللَّه ، فنظر نفسه حتى استبان أنه توفى. فقال: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (٢) قالوا: يا صاحب رسول اللَّه ، توفى رسول اللَّه ؟ قال: نعم. فعلموا أنه كما قال.

قالوا: يا صاحب رسول اللَّه، هل يصلّى على النبي ؟ قال: نعم، قال: يجيء نفر منكم فيكبّرون فيدعون ويذهبون حتى يفرغ الناس. فعلموا أنه كما قال، قالوا: يا صاحب رسول اللَّه، هل يدفن النبي ؟ قال: نعم. قالوا: أين يدفن؟ قال: حيث قبض اللَّه روحه، فإنه لم يقبضه إلا في موضع طيّب. قال: فعرفوا أنه كما قال. ثم قال: عندكم صاحبكم.

ثم خرج، فاجتمع إليه المهاجرون - أو من اجتمع إليه منهم - فقال: انطلقوا إلى إخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحقّ نصيبا. قال: فذهبوا حتى أتوا الأنصار، قال: فإنّهم ليتآمرون إذ قال رجل من الأنصار: «منا أمير ومنكم أمير» فقام عمر وأخذ بيد أبى بكر، فقال: «سيفان في غمد إذن لا يصطحبان» ثم قال: من له هذه الثلاثة: ﴿إِذْ هُما فِي الْغارِ﴾،


(١) أسيف: سريع البكاء والحزن، رقيق القلب.
(٢) سورة الزمر، الآية ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>