للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَسلم يا ابن الخطاب، اللَّهمّ اهده. قال قلت: «أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنك رسول اللَّه، فكبر المسلمون تكبيرة، سُمِعت بطرق مكة - قال: وقد كان استخفى - قال: ثم خرجتُ فكنتُ لا أَشاء أَن أَرى رجلاً قد أَسلم يُضْرَب إِلا رأَيته - قال: فلما رأَيت ذلك قلت: لا أَحب إِلا أَن يصيبني ما يصيب المسلمين، قال: فذهبت إِلى خالي - وكان شريفاً فيهم - فقرعت الباب عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: ابن الخطاب. قال: فخرج إِليّ، فقلت له: أَشعرت أَني قد صَبَوتُ؟ قال: فعلتَ؟ فقلت: نعم. قال: لا تفعل! قال، فقلت: بلى، قد فعلت.

قال: لا تفعل! وأَجاف (١) الباب دوني وتركني. قال قلت: ما هذا بشيء! قال: فخرجت حتى جئت رجلاً من عظماءِ قريش، فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: عمر ابن الخطاب. قال: فخرج إِليّ، فقلت له: أَشعرت أني قد صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت:

نعم. قال: فلا تفعل! قلت: قد فعلت. قال: لا تفعل! قال: ثم قام فدخل، وأَجاف الباب دوني. قال: فلما رأَيت ذلك انصرفت. فقال لي رجل: تحب أَن يُعلَم إِسلامك؟ قال قلت:

نعم. قال: فإِذا جلس الناس في الحِجْر واجتمعوا أَتيت فلاناً - رجلاً لم يكن يكتم السر - فاصْغَ (٢) إِليه، وقل له - فيما بينك وبينه-: «إِني قد صَبوتُ»، فإِنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه. قال: فاجتمع الناس في الحِجْر، فجئت الرجل فدنوت منه، فأَصغيت إِليه فيما بيني وبينه، فقلت: «أَعلمت أَني قد صبوت؟» فقال: «أَلا إِن عمر بن الخطاب قد صبا».

قال: فما زال الناس يضربونني وأَضربهم، قال: فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب! قال: فقام على الحِجْر فأَشار بمكة فقال: «أَلا إِني قد أَجرت ابن أُختي». قال: فانكشف الناس عني، وكنت لا أَشاء أَن أَرى أَحداً من المسلمين يضرب إِلا رأَيته وأَنا لا أُضرب. قال فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين؟ قال: فأمهلت حتى إِذا جلس الناس في الحجْر، وصلت إِلى خالي فقلت: اسمع. فقال: ما أَسمع؟ قال قلت: جوارَك عليك رَدٌّ.

قال: فقال: لا تفعل يا ابن أُختي. قال قلت: بل هو ذاك. فقال: ما شئت! قال: فما زلت أُضْربُ وأَضرِبَ حتى أَعز اللَّه الإِسلام.

أَنبأَنا أَبو جعفر بن أحمد بن علي بإسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال:

ثم إِن قريشاً بعثت عمر بن الخطاب، وهو يومئذ مشرك، في طلب رسول اللَّه ، ورسول اللَّه


(١) أجاف الباب: رده.
(٢) صغا يصغو ويصغي: مال.

<<  <  ج: ص:  >  >>