للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحسن البصري: لما حضرت قيس بن عاصم الوفاة، دعا بنيه فقال: يا بنىّ، احفظوا عنى، فلا أحد أنصح لكم منى، إذا أنا مت فسودوا كباركم، ولا تسودوا صغاركم، فتسفه الناس كباركم، وتهونوا عليهم. وعليكم بإصلاح المال، فإنه منبهة للكريم، ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم ومسألة الناس، فإنّها آخر كسب المرء، ولا تقيموا عليّ نائحة، فإنّي سمعت رسول اللَّه نهى عن النائحة.

روى عنه الحسن، والأحنف، وخليفة بن حصين، وابنه حكيم بن قيس.

أنبأنا يحيى بن محمود إذنا بإسناده إلى ابن أبي عاصم: حدثنا هدية (١) بن عبد الوهاب أبو صالح المروزي، عن النضر بن شميل، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن مطرّف بن الشخير، عن حكيم بن قيس بن عاصم، عن أبيه: أنه أوصى عند موته فقال: إذا مت فلا تنوحوا عليّ، فإن رسول اللَّه لم ينح عليه (٢).

وخلّف من الولد اثنين وثلاثين ذكرا.

وروى أبو الأشهب عن الحسن، عن قيس بن عاصم المنقرىّ: أنه قدم على النبي فقال: هذا سيد أهل الوبر، فسلمت عليه وقلت: يا رسول اللَّه، المال الّذي لا تبعة عليّ فيه؟ قال: نعم، المال الأربعون، وإن كثر فستون، ويل لأصحاب المئين إلا من أدّى حقّ اللَّه في رسلها ونجدتها (٣)، وأطرق (٤) فحلها، وأفقر ظهرها (٥)، ومنح غزيرتها (٦)، ونحر سمينتها، وأطعم القانع والمعتر (٧) فقلت: يا رسول اللَّه، ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها؟ قال: يا قيس، أما لك أحبّ إليك أم مال مواليك؟ قال قلت: بل مالي! قال: فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت، وما بقي فلورثتك. قال قلت: يا رسول اللَّه، لئن بقيت لأدعنّ عددها قليلا - قال الحسن: ففعل.

أخرجه الثلاثة.


(١) في المطبوعة: «هدبة»، بباء موحدة. والصواب ما أثبتناه عن الخلاصة. والمشتبه للذهبي: ٦٥٢.
(٢) أخرجه الإمام أحمد، المسند: ٥/ ٦١ عن محمد بن جعفر، عن شعبة بإسناده.
(٣) في المطبوعة: «رسلها وبجدتها»، بالباء، وهو خطأ. وفي النهاية: «النجدة: الشدة، والرسل- بالكسر:
الهينة والتأني. قال الجوهري: يقال: افعل كذا وكذا على رسلك، بالكسر، أي اتئد فيه، كما يقال: على هينتك».
(٤) أي: أعاره للضراب.
(٥) أي أعاره للركوب.
(٦) الغزيرة: كثير اللبن.
(٧) المعتر: هو الّذي يتعرض للسؤال، من غير طلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>