للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المقرئَ، يقال: إنه أوّل من جمع الجمعة بالمدينة، وأسلم على يده أُسيد بن حُضَير وسعد ابن مُعاذ. وكفى بذلك فخراً وأثراً في الإسلام.

قال البراءُ بن عازب: أوّل من قدم علينا من المهاجرين: مصعب بن عمير، أخو بني عبد الدار، ثمّ أتانا بعده عمرو بن أُم مكتوم، ثمّ أتانا بعده عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، وعبد اللَّه بن مسعود، وبلال، ثمّ أتانا عمر بن الخطاب.

وشهد مصعب بدراً (١) مع رسول اللَّه ، وشهد أُحداً ومعه لواء رسول اللَّه ، وقتل بأُحد شهيداً، قتله ابن قَمِئَة الليثي في قول ابن إسحاق.

أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق، فيمن استشهد من المسلمين من بني عبد الدار: مصعب بن عمير بن هاشم، قتله ابن قَمِئَة الليثي (٢).

قيل: كان عمره يوم قتل أربعين سنة، أو أكثر قليلاً. ويقال: فيه نزلت وفي أصحابه من المؤمنين: ﴿رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ (٣) … الآية.

وروى محمد بن إسحاق، عن صالح بن كَيسان، عن بعض آل سعد، عن سعد بن أبي وقاص قال: كنا قوماً يصيبنا ظلَفُ (٤) العيش بمكة مع رسول اللَّه ، فلمَّا أصابنا البلاءُ اعترفنا، ومررنا عليه فَصَبَّرنا، وكان مصعب بن عمير أنعم غلام بمكة، وأجوده حُلَةً مع أبويه، ثمَّ لقد رأيته جُهِد في الإسلام جهداً شديداً، حتى لقد رأيت جلده يَتَحشَّفُ (٥) كما يَتَحَشَّفُ جلد الحية.

وقال الواقدي: كان مصعب بن عُمَير فتى مكة شباباً وجمالاً وسَبيباً (٦)، وكان أبواه يحبانه، وكانت أُمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب، وكان أعطر أهل مكَّةَ، وكان رسول اللَّه يذكره ويقول: ما رأيت بمكة أحسن لِمةَ (٧)، ولا أنعم نعمة من مصْعب بن عمير.


(١) المرجع نفسه: ١/ ٦٨٠.
(٢) المرجع نفسه: ٢/ ٧٣، ١٢٢.
(٣) سورة الأحزاب، آية: ٢٣.
(٤) ظلف العيش: خشونته وشدته.
(٥) أي: يتقبض ويتقلص.
(٦) في المصورة والمطبوعة: «سيبا» والمثبت عن الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣/ ١/ ٨٢. وفي اللسان: «والسبيبة:
الثوب الرقيق». وفي الاستيعاب ٤/ ١٤٧٤: «جمالا وتيها».
(٧) اللمة: من شعر الرأس دون الجمة، سميت بذلك لأنها ألمت بالمنكبين، فإذا زادت فهي الجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>