للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال رسول اللَّه : «أرحم أُمْتي بأُمْتي أبو بكر» وذكر الحديث، وقال: «وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل (١)».

أخبرنا عبد اللَّه بن أبي نصر الخطيب قال: حدثنا جعفر بن أحمد القارئ، حدثنا على ابن المحسن، حدثنا أبو سعيد الحسن بن جعفر بن محمد السّمسار (٢)، حدثنا أبو شعيب الحراني، حدثنا يحيى بن عبد اللَّه البَابْلُتِّي (٣)، حدثنا سلمة بن وردان قال: سمعت أنس ابن مالك قال: أتاني معاذ بن جبل من عند رسول اللَّه ، فقال: من شهد أن لا إله إلا اللَّه مخلصاً بها قلبُه، دخل الجنة. فذهبت إلى رسول اللَّه فقلت: يا رسول اللَّه، حدّثني معاذ أنك قلت: «من شهد أن لا إله إلا اللَّه، مخلصاً بها قلبه، دخل الجنة». قال: صدق معاذ.

صدق معاذ. صدق معاذ.

وروى سهل بن أبي حَثْمَةَ (٤)، عن أبيه قال: كان الذين يُفتُون على عهد رسول اللَّه من المهاجرين: عمر، وعثمان، وعلي. وثلاثة من الأنصار: أُبي بن كعب، ومعاذ بن جَبَل، وزيد ابن ثابت.

وقال جابر بن عبد اللَّه: كان معاذُ بن جَبَل من أحسن الناس وجهاً، وأحسنه خلقاً، وأسمحه كفاً، فادَّان ديناً كثيراً، فلزمه غُرَماؤه حتى تَغَيَّب عنهم أياماً في بيته، فطلب غرماؤُه من رسول اللَّه أن يُحضِرَه، فأرسل إليه، فحضر ومعه غرماؤه، فقالوا: يا رسول اللَّه، خَذَلَنَا حَقَّنا! فقال رسول اللَّه : رحم اللَّه من تصدّق عليه. فتصدّق عليه ناس، وأبى آخرون، فَخَلَعه (٥) رسول اللَّه من ماله، فاقتسموه بينهم، فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم.

فقال لهم رسول اللَّه : ليس لكم إلا ذلك. فأرسله رسول اللَّه إلى اليمن، وقال:

لعل اللَّه يجبرك، ويؤدّي عنك دينك. فلم يزل باليمن حتى تُوُفِّي رسولُ اللَّه .


(١) تحفة الأحوذي، أبواب المناقب، باب «مناقب معاذ بن جبل»، الحديث ٣٨٧٩: ١٠/ ٢٩٣، ٢٩٤. وقال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث قتادة إلا من هذا الوجه. وقد رواه أبو قلابة عن أنس، عن النبي ، نحوه». وقال الحافظ أبو العلى: «قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث: «رجاله ثقات»، انتهى. وأخرجه أيضا أحمد في مسندة، وابن حبان في صحيحه، وأخرجه أبو يعلى عن عبد اللَّه بن عمر».
(٢) لأبى سعيد السمسار ترجمه في العبر: ٢/ ١، وفيها: «جعفر بن الوضاح». وفي المصورة: «جعفر بن محمد بن السمسار».
(٣) في المطبوعة: «البابلي». والمثبت عن المصورة، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم: ٤/ ٢/ ١٦٤، واللباب لابن الأثير:
١/ ٨١.
(٤) في المطبوعة: «خيثمة». والصواب عن المصورة، والخلاصة.
(٥) أي: أعطاهم ماله كله. وفي الحديث: «إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة»، أي: أخرج عنه جميعه، وأتصدق به، وأعرى منه كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>