للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان أبو ذر من كبار الصحابة وفضلائهم، قديم الإسلام. يقال: أسلم بعد أربعة وكان خامسا، ثم انصرف إلى بلاد قومه وأقام بها، حتى قدم على رسول اللَّه المدينة.

أخبرنا غير واحد بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل: حدثنا عمرو بن عباس، أنبأنا عبد الرحمن بن مهدىّ، حدثنا المثنى، عن أبي جمرة (١)، عن ابن عباس قال: لما بلغ أبا ذر مبعث النبي قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الّذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني. فانطلق الأخ حتى قدم وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلاما ما هو بالشعر. فقال:

ما شفيتني مما أردت. فتزوّد وحمل شنّة (٢) له فيها ماء، حتى قدم مكة، فأتى المسجد، فالتمس النبي وهو لا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل، اضطجع (٣) فرآه عليّ، فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه فمر به عليّ فقال: ما آن (٤) للرجل أن يعلم منزله؟ فأقامه (٥) فذهب به معه، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى [إذا] (٦) كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك فأقامه [عليّ معه (٧)] ثم قال: ألا تحدثني ما الّذي أقدمك؟ قال: إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدنّى فعلت. ففعل، فأخبره قال: إنه حق، وإنه رسول اللَّه ، فإذا أصبحت فاتبعني، فإنّي إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي.

ففعل، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي ودخل معه، فسمع من قوله، وأسلم مكانه.

فقال له النبي : ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمرى. قال: والّذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم. فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته.: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا عبده ورسوله. فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكبّ عليه


(١) في المطبوعة والمصورة: «حمزة». والصواب عن الصحيح، وهو نصر بن عمران، انظر الخلاصة.
(٢) الشنة: قربة خلق، وهو أشد تبريدا للماء من الجديدة.
(٣) كذا في المطبوعة والمصورة وإحدى نسخ الصحيح. وفي نسخ أخرى: «فاضطجع».
(٤) في الصحيح: «أما نال».، أي: حان ودنا. وما في مسلم يوافق ما في المصورة.
(٥) أي: أما حان أن يكون له منزل معين يسكنه؟ أو: أراد دعوته إلى منزله.
(٦) ما بين القوسين عن الصحيح. ولفظ البخاري: «حتى إذا كان اليوم الثالث فعاد على مثل ذلك»، وما في مسلم يوافق ما في أسد الغابة.
(٧) ما بين القوسين عن مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>