للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: ويلكم! ألستم تعلمون أنه من غفار، وأنه طريق تجاركم إلى الشام؟ فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه وثاروا إليه، فأكب العباس عليه (١).

وروينا في إسلامه الحديث الطويل المشهور، وتركناه خوف التطويل.

وتوفى أبو ذر بالربذة سنة إحدى وثلاثين، أو اثنتين وثلاثين. وصلى عليه عبد اللَّه ابن مسعود، ثم مات بعده في ذلك العام.

وقال النبي : «أبو ذر في أمّتى على زهد عيسى ابن مريم».

وقال على: وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه، ثم أوكى (٢) عليه فلم يخرج منه شيئا.

أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: حدّثنى بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن مسعود قال: لما سار رسول اللَّه إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل، فيقولون: يا رسول اللَّه، تخلف فلان. فيقول: دعوه، إن يكن فيه خير فسيلحقه اللَّه بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم اللَّه منه. حتى قيل: يا رسول اللَّه، تخلف أبو ذر. فقال رسول اللَّه ما كان يقوله، فتلوم (٣) أبو ذر على بعيره، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره، ثم خرج يتبع رسول اللَّه ماشيا، ونظر ناظر من المسلمين فقال: إن هذا الرجل يمشى على الطريق، فقال رسول اللَّه : كن أبا ذر.

فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول اللَّه، هو واللَّه أبو ذر. فقال رسول اللَّه : «يرحم اللَّه أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويحشر وحده» (٤).

فضرب الدهر من ضربه.

وسير أبو ذر إلى الرَّبَذَة. وفي ذكر موته، وصلاة عبد اللَّه بن مسعود عليه، ومن كان معه في موته، ومقامه بالربذة، أحاديث لا نطول بذكرها. وكان أبو ذر طويلا عظيما.

أخرجه أبو عمر.


(١) البخاري، كتاب فضائل الأنصار، باب «إسلام أبي ذر»: ٥/ ٥٩ - ٦٠ ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي ذر »: ٧/ ١٥٥ - ١٥٦.
(٢) في المطبوعة: «أوكأ». والصواب عن المصورة يقال: أوكى السقاء: إذا شد رأسه بالوكاء- وهو الخيط الّذي تشد به الصرة والكيس- لئلا يدخله حيوان، أو يسقط فيه شيء.
(٣) أي تمكث وتمهل.
(٤) سيرة ابن هشام: ٢/ ٥٢٣ - ٥٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>