للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأقام بالمدينة حتى بعث إلى مؤتة، في جمادى سنة ثمان، قال: وأخبرنا محمد بن جعفر، عن عروة، قال:

فاقتتل الناس قتالا شديدا حتى قتل زيد بن حارثة، ثم أخذ الراية جعفر، فقاتل بها حتى قتل.

قال: وأخبرنا ابن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه، قال: حدثني أبي الّذي أرضعنى، وكان أحد بنى مرة بن عوف، قال: «واللَّه لكأنّي انظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة، حين اقتحم عن فرس له شقراء، فعقرها ثم تقدم، فقاتل حتى قتل. قال ابن إسحاق: فهو أول من عقر في الإسلام.

ولما قاتل جعفر قطعت يداه والراية معه، لم يلقها،

قال رسول اللَّه : «أبدله اللَّه جناحين يطير بهما في الجنة» ولما قتل وجد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، كلها فيما أقبل من بدنه وقيل: بضع وخمسون، والأول أصح.

قال ابن إسحاق: فلما أصيب القوم قال رسول اللَّه فيما بلغني: أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم صمت رسول اللَّه حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد اللَّه بن رواحة ما يكرهون، ثم قال: أخذها عبد اللَّه بن رواحة فقاتل [بها (١)] حتى قتل شهيدا، ثم [قال (١)] لقد رفعوا في الجنة على سرر من ذهب، فرأيت في سرير عبد اللَّه ازورارا عن سريري صاحبيه، فقلت: عمّ هذا؟ فقيل لي: مضيا وتردد [عبد اللَّه بعض التردد (١)] ثم مضى.

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أم عيسى، عن أم جعفر بنت جعفر بن أبي طالب، عن جدتها أسماء بنت عميس أنها قالت: لما أصيب جعفر وأصحابه دخل عليّ رسول اللَّه وقد عجنت عجيني، وغسلت بنىّ ودهنتهم ونظفتهم، فقال رسول اللَّه :

ائتيني بيني جعفر، فأتيته بهم، فشمهم (٢) ودمعت عيناه، فقلت: يا رسول اللَّه، بأبي وأمي ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: نعم، أصيبوا هذا اليوم، فقمت أصيح وأجمع النساء، ورجع رسول اللَّه إلى أهله، فقال: لا تغفلوا آل جعفر (٣) فإنّهم قد شغلوا».

قال ابن إسحاق: حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لما أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول اللَّه الحزن.

وروى أن رسول اللَّه لما أتاه نعى جعفر، دخل على امرأته أسماء بنت عميس، فعزاها فيه ودخلت فاطمة وهي تبكى وتقول: وا عماه، فقال رسول اللَّه : على مثل جعفر فلتبك البواكي.

ودخله من ذلك هم شديد حتى أتاه جبريل، فأخبره أن اللَّه قد جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة.


(١) عن سيرة ابن هشام: ٢ - ٣٨٠.
(٢) في السيرة: فتشممهم.
(٣)
في السيرة ٢/ ٣٨١: لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما، فإنّهم قد شغلوا بأمر صاحبهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>