للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبل النبي عند أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، فولدت له: سلمة، وعُمَر، ودُرَّة، وزينب (١). وتوفي فخلفَ عليها رسول اللَّه بعده. وكانت من المهاجرات إلى الحبشة وإلى المدينة.

أخبرنا أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن ابن إسحاق قال: حدثني والدي إسحاق بن يسار، عن سلمة بن عبد اللَّه بن عُمَر بن أبي سلمة. عن جَدته أُم سلمة قالت: لما أجمع أبو سلمة الخروجَ إلى المدينة، رحلَ بعيراً له وحملني، وحمل معي ابني سلمَة، ثم خرج يقود بعيره. فلما رآه رجالُ بني المغيرة بن عبد اللَّه بن عُمَر بن مخزوم قاموا إليه فقالوا: هذه نفسُك غَلَبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه؟ علام تترك تسير بها في البلاد؟ ونزعوا خِطَام البعير من يده، وأخذوني. وغضبت عند ذلك بنو عبد الأسد، وأهووا إلى سلمة وقالوا: واللَّه لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا. فتجاذبوا ابني سلمة حتى خَلَعوا يده. وانطلق به [بنو (٢)] عبد الأسد رهط أبي سلمة، وحبسني بنو المغيرة عندهم. وانطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة. ففُرِّق بيني وبين زوجي وبين ابني. قالت: فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي. حتى أُمسي سنة أو قريبها. حتى مر بي رجل من بني عمي، من بني المغيرة، فرأى ما بي، فرحمني فقال لبني المغيرة: ألا تَخْرُجون من (٣) هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها. فقالوا لي:

الحقي بزوجك إن شئت. وردَّ علي بنو عبد الأسد عند ذلك ابني، فرَحَلت بعيري ووضعت ابني في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، وما معي أحد من خلق اللَّه، فقلت: أتبلَّغ بمن لقيتُ حتى أقدَمَ على زوجي. حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة - أخا بنى عبد الدار فقال: أين يا بنتَ أبي أمية؟ قلت: أريد زوجي بالمدينة. فقال: هل معك أحد؟ فقلت:

لا واللَّه، إلا اللَّه وابني هذا. فقال: واللَّه ما لك من مَتْرَك (٤). فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودني، فو اللَّه ما صحبت رجلاً من العرب أُرَاه كان أكرم منه. إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم تَنَحَّى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله، ثم استأخر عني وقال:

اركبي. فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه، فقادني حتى ننزل. فلم يزل يصنع


(١) انظر كتاب نسب قريش لمصعب الزبيري: ٣٣٧.
(٢) ما بين القوسين عن سيرة بن هشام.
(٣) أي: ألا تخرجون من شأنها، فتدعوها وما تزيد، وكذلك كان النص في أصول سيرة ابن هشام: «تخرجون من هذه»، فأحاله المحققون إلى: «تخرجون هذه»، مضارع أخرج، والنص مع «من» مستقيم.
(٤) في المطبوعة والمصورة: «منزل»: والمثبت عن سيرة ابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>