للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبرنا أبو جعفر عبيد اللَّه بن أحمد بن علي البغدادي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن مروان بن الحكم والمسوّر بن مخرمة حدثناه جميعا: أن رسول اللَّه خرج يريد زيارة البيت لا يريد حربا، وساق معه الهدى سبعين بدنة، فسار رسول اللَّه حتى [إذا]

انتهى إلى عسفان لقيه بسر بن سفيان الكعبي، كعب خزاعة، قال: يا رسول اللَّه، هذه قريش قد سمعوا بمسيرك فخرجوا بالعوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون اللَّه أن لا تدخل عليهم مكة عنوة أبدا، وهذا هو خالد بن الوليد في خيل قريش قد قدموه إلى كراع الغميم (١)، فقال رسول اللَّه :

يا ويح قريش، قد أكلتها الحرب. وذكر الحديث فهذا صحيح، يقول فيه: إنه كان على خيل قريش.

أخبرنا إسماعيل بن عبيد اللَّه بن علي وغيره، قالوا بإسنادهم إلى أبى عيسى محمد بن عيسى، أخبرنا قتيبة، حدثنا الليث، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي هريرة، قال: نزلنا مع رسول اللَّه منزلا فجعل الناس يمرون، فيقول رسول اللَّه : من هذا يا أبا هريرة؟ فأقول: فلان، فيقول:

نعم عبد اللَّه هذا، حتى مر خالد بن الوليد، فقال: من هذا؟ قلت: خالد بن الوليد، فقال: نعم عبد اللَّه خالد بن الوليد، سيف من سيوف اللَّه. ولعل هذا القول كان بعد غزوة مؤتة، فإن النبي إنما سمى خالد سيفا من سيوف اللَّه فيها، فإنه خطب الناس وأعلمهم بقتل زيد وجعفر وابن رواحة، وقال:

ثم أخذ الراية سيف من سيوف اللَّه خالد بن الوليد، ففتح اللَّه عليه، وقال خالد: لقد اندق يومئذ في يدي سبعة أسياف فما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية، ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول اللَّه أعنّة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب، وشهد مع رسول اللَّه فتح مكة فأبلى فيها، وبعثه رسول اللَّه إلى «العزّى» وكان بيتا عظيما لمضر تبجله فهدمها، وقال:

يا عزّ كفرانك لا سبحانك … إني رأيت اللَّه قد أهانك (٢)

ولا يصح لخالد مشهد مع رسول اللَّه قبل فتح مكة، ولما فتح رسول اللَّه مكة بعثه إلى بنى جذيمة من بنى عامر بن لؤيّ،

فقتل منهم من لم يجز له قتله، فقال النبي : اللَّهمّ إني أبرأ إليك مما صنع خالد.

فأرسل مالا مع علي بن أبي طالب فودى القتلى، وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم، حتى ثمن ميلغة (٣) الكلب، وفضل معه فضلة من المال فقسمها فيهم، فلما أخبر رسول اللَّه بذلك استحسنه.

ولما رجع خالد بن الوليد من بنى جذيمة أنكر عليه عبد الرحمن بن عوف ذلك، وجرى بينهما كلام، فسب خالد عبد الرحمن بن عوف، فغضب النبي وقال لخالد: لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه (٤).


(١) كراع الغميم: موضع بالحجاز بين مكة والمدينة أمام عسفان بثمانية أميال.
(٢) الرجز في كتاب الأصنام الكلبي: ٢٦.
(٣) الميلغة: هي الإناء الّذي يشرب منه الكلب.
(٤) المد: ربع الصاع، وكان أقل ما يتصدق به، والنصيف: النصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>