للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان على مقدمة رسول اللَّه يوم حنين في بنى سليم، فجرح خالد، فعاده رسول اللَّه ، ونفث في جرحه فبرأ، وأرسله رسول اللَّه إلى أكيدر (١) بن عبد الملك، صاحب دومة الجندل، فأسره، وأحضره عند رسول اللَّه فصالحه على الجزية، ورده إلى بلده، وأرسله رسول اللَّه سنة عشر إلى بنى الحارث بن كعب بن مذحج، فقدم معه رجال منهم فأسلموا، ورجعوا إلى قومهم بنجران، ثم إن أبا بكر أمّره بعد رسول اللَّه على قتال المرتدين، منهم: مسيلمة الحنفي في اليمامة، وله في قتالهم الأثر العظيم. ومنهم مالك بن نويرة، في بنى يربوع من تميم وغيرهم، إلا أن الناس اختلفوا في قتل مالك بن نويرة، فقيل: إنه قتل مسلما لظنّ ظنه خالد به، وكلام سمعه منه، وأنكر عليه أبو قتادة وأقسم أنه لا يقاتل تحت رايته، وأنكر عليه ذلك عمر بن الخطاب .

وله الأثر المشهور في قتال الفرس والروم، وافتتح دمشق، وكان في قلنسوته التي يقاتل بها شعر من شعر رسول اللَّه يستنصر به وببركته، فلا يزال منصورا.

أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد اللَّه المخزومي، بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى، قال:

حدثنا سريج بن يونس، أخبرنا هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، قال: قال خالد بن الوليد:

اعتمرنا مع رسول اللَّه في عمرة اعتمرها، فحلق شعره، فاستبق الناس إلى شعره، فسبقت إلى الناصية فأخذتها، فاتخذت قلنسوة، فجعلتها في مقدم القلنسوة، فما وجهته في وجه إلا وفتح له.

وروى عن النبي ، روى عنه ابن عباس، وجابر بن عبد اللَّه، والمقدام بن معديكرب وأبو أمامة بن سهل بن حنيف، وغيرهم. وروى معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد اللَّه بن عباس، عن خالد بن الوليد: أنه دخل مع رسول اللَّه بيت ميمونة، فأتى بضبّ محنوذ (٢)، فأهوى إليه رسول اللَّه يريد أن يأكل منه، فقالوا: يا رسول اللَّه، هو ضب. فرفع رسول اللَّه يده، فقلت: أحرام هو؟ قال: لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه. قال خالد: فاجتزرته فأكلته ورسول اللَّه ينظر.

ولما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال: لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنه أو رمية، وها أنا أموت على فراشي كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء، وما من عمل أرجى من (لا إله إلا اللَّه) وأنا متترّس بها.

وتوفى بحمص من الشام، وقيل: بلى توفى بالمدينة سنة إحدى وعشرين، في خلافة عمر بن الخطاب.

وأوصى إلى عمر ، ولما بلغ عمر أن نساء بنى المغيرة اجتمعن في دار يبكين على خالد، قال عمر:

ما عليهنّ أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة، قيل: لم تبق امرأة من بنى المغيرة إلا وضعت لمّتها على قبر خالد، يعنى حلقت رأسها. ولما حضرته الوفاة حبس فرسه وسلاحه في سبيل اللَّه.


(١) ينظر سيرة ابن هشام: ٢ - ٥٢٦.
(٢) أي مشوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>