للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواب إبراهيم إلى أبى مسلم بخطّه: يأمره فيه بالجد والاجتهاد، والحيلة على عدوه، وغير ذلك من أمره ونهيه، وكان فيه أبيات من الرّجز منها:

دونك أمرا قد بدت أشراطه ... إن السبيل واضح صراطه

* لم يبق إلا السيف واختراطه (١) *

فاحتبس مروان الرسول، وكتب إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك، وهو على دمشق: يأمره أن يكتب إلى عامل البلقاء (٢) فيسير إلى الحميمة، ليأخذ إبراهيم ابن محمد، فيشدّه وثاقا، ويبعث به إليه فى خيل كثيفة، وحمل إبراهيم بن محمد إلى الوليد، فحمله إلى مروان، فقرّره بما كان من أمره مع أبى مسلم، فأنكر، فقال له مروان: يا منافق: أليس هذا كتابك إلى أبى مسلم جوابا عن كتابه إليك؟ وأخرج إليه الرسول، وقال: أتعرف هذا؟ فلما رأى ذلك إبراهيم أمسك وعلم أنه أتى من مأمنه، وأمر به مروان فحبس شهرين فى حرّان (٣).

ثم دخل عليه السجن جماعة من موالى مروان من العجم وغيرهم فقتلوه سنة ١٣٢ هـ (٤). (مروج الذهب ٢: ٢٠٤)


(١) الأشراط: جمع شرط بالتحريك وهو العلامة، واخترط السيف: استله.
(٢) البلقاء: كورة من أعمال دمشق بين الشأم ووادى القرى، وكانت قصبتها عمان. والحميمة: قرية من أعمال عمان فى أطراف الشأم، انظر ص ٤٧٥.
(٣) حران: مدينة عظيمة بالجزيرة على طريق الموصل والشأم والروم، بينها وبين الرهام يوم، وبين الرقة يومان.
(٤) وقيل إنه لم يقتل ولكنه مات فى سجن مروان بالطاعون- انظر تاريخ الطبرى ٩: ١٣٢ ومعجم البلدان ٣: ٢٤٢ - وقيل إن مروان سمه فى الحبس فمات- انظر الفخرى ص ١٢٩.
ولما حبس إبراهيم الإمام بحران خاف أخواه السفاح والمنصور وجماعة من أقاربهم وقصدوا إلى الكوفة، وكان لهم بها شيعة منهم أبو سلمة الخلال، وكان من كبار الشيعة بالكوفة- وقد استوزره السفاح حينما ولى الخلافة- فأخلى لهم أبو سلمة دار بالكوفة، وتولى خدمتهم بنفسه، وكتم أمرهم، واجتمعت الشيمة إليه، وقويت شوكتهم، ثم وصل أبو مسلم بالجنود من خراسان إلى الكوفة وسلم على السفاح بالخلافة، وأظهر الدعوة، وبويع السفاح بالخلافة سنة ١٣٢ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>