للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بالله والعمل بطاعته، فإن الله عز وجل إذا علم بذلك بصدق نيته، وصحة من يقينه، أحسن عوله، وخار (١) له فى قضائه، وكفاه ما همّه، ولم يكله فى شىء من أموره إلى نفسه إن شاء الله.

وأمره أن يتعاهد نفسه فى دينه وطاعته ونصيحته وحاله، فى الصغير والكبير من أمره، ويكثر ذكر علمه به وقدرته عليه، وألّا يأتمر أمرا حتى يستخير الله فيه، ويستعينه عليه، ويستقضيه فيه، بالذى هو أحبّ إليه، وأرضى عنده، فإن العاقبة للتّقوى، وإن أفضل الأمور أصلحها عاجلا، وخيرها عاقبة، وأعظمها أجرا، وأحسنها ذخرا، إن شاء الله.

وأمره أن يعلم أن الثّغر الذى ولّاه أمره، من أعظم ثغوره عنده، وأهمّ أعماله إليه، لقربه من العدو، وإطلاله عليهم، وموقعه من المسلمين، وأنه لم يسنده إليه إلا لحاله عنده، وثقته به، ومعرفته بطاعته ونصيحته، وكفايته وضبطه ومبالغته، وحسن سيرته، وسياسته ومكيدته، ونكايته فى أهل الشرك بالله، وعن الإسلام، وأهله وأنه ليس أحد من عماله إن اتّقى واعتصم بأمره وأخذ بعهده ورأيه، بأسرع منه بكل أمر زاده الله به عنده منزلة ومزية وفضلا.

وأمره أن يصلّى الصلوات لمواقيتها فى مسجد الجماعة، ولا يتشاغل عنها بغيرها، فإن الله جعلها عمود الدين، فقال تبارك وتعالى: «فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً».

وأمره أن يفتح بابه لأهل عمله، ويقلّ الاحتجاب عنهم، ويلين كنفه (٢) لهم، وينظر فى أمورهم ومظالمهم، وينصف بعضهم من بعض، ولا يحابى شريفا لشرفه، ولا يتعدّى على وضيع لضعته، وألّا يكون لأحد من الناس، يخالف الحقّ عنده،


(١) خار الله له فى الأمر: جعل له فيه الخير.
(٢) الكنف: الجانب.

<<  <  ج: ص:  >  >>