للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوهها، وقسم السّهمان (١) الخمسة موفّرة بين أهلها، وأعلمهم أن أمير المؤمنين لم يأمره ولا من قبله من ولاة اليمن وغيرها إلا بالعدل والإحسان، وأن أمير المؤمنين يبرأ إلى الله من ظلم كلّ ظالم، وجور كلّ جائر، وأنه قد خلع ما يتثقّل به عن رقبته، وجعله فى دين الحجبىّ وأمانته، فلم يبق عند ذلك فرقة من فرق المسلمين، ولا جماعة من الصالحين، ولا أحد من الفقراء المساكين، إلّا دعا لأمير المؤمنين بطول البقاء، ثم دعوا لك يا أبا على بأفضل الدعاء، ونشروا عنك أحسن الثناء، لما ساقه الله إليهم بسببك، وجعله بيمن (٢) موازرتك وأجراه لهم على لسانك ويدك، ولما أخذ الحجبىّ فيهم من ورائك، فإنا قد عرفناه بالرّفق الذى ليس معه ضعف، وبالشدة التى ليس معها عنف، وبالجدّ الذى لا يخالطه هزل، ثم هو مع ذلك قليل الغفلة، شديد التّهمة، لا يتّكل على كتّابه، ولا يفوّض أمره إلى أمنائه، ولا يطمئنّ إلى جلسائه، حتى يتفقّد الأشياء بنفسه، فيورد ما حضر منها على عينه، ويصدر ما غاب عنه منها على علمه، لا يمنعه من مطالبة الصغير مزاولة الكبير، قد أحكم السياسة، ورسخ فى التدبير، فأشدّ الناس خوفا لغضبه أرجاهم جميعا لمثوبته، وأقلّهم أمانا لعقوبته أطولهم لزوما لمجالسته، قد شغل كلّا بنفسه، فأقبل كل على شأنه، فليس أحد يجاوز حدّه، ولا يعدو قدره، ولا يتكلم إلا فيما يعنيه، ولسنا نراه بحمد الله يزداد فى كل يوم إلا شدّة، ولا تزداد الأمور معه إلا إحكاما، فليس لمغتاب إليه سبيل، ولا لمنتقص معه مطمع، والسلام». (مفتاح الأفكار ص ٢٧٥، والمواهب الفتحية ٢: ١٤٧)


(١) السهمان: جمع سهم، وهو النصيب، والسهمان الخمسة ومصرفها مبين فى قوله تعالى:
«وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» وذكر الله تعالى فى الآية للتعظيم، والمراد قسم الخمس على الخمسة المعطوفين، فكأنه قال: فأن لله خمسه يصرف إلى هؤلاء، لكل منهم خمس الخمس، والأخماس الأربعة الباقية للفاتحين.
(٢) اليمن: البركة، والموازرة: المعاونة والمساعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>