للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خراسان وأعماله وخراجه: أمره بتقوى الله وطاعته، ورعاية أمر الله ومراقبته، وأن يجعل كتاب الله إماما فى جميع ما هو بسبيله، فيحلّ حلاله، ويحرّم حرامه، ويقف عند متشابهه، ويسأل عنه أولى الفقه فى دين الله، وأولى العلم بكتاب الله، أو يردّه إلى إمامه، ليريه الله عز وجل فيه رأيه، ويعزم له على رشده.

وأمره أن يستوثق من الفاسق على بن عيسى وولده وعماله وكتابه، وأن يشدّ عليهم وطأته، ويحل بهم سطوته، ويستخرج منهم كل مال يصحّ عليهم، من خراج أمير المؤمنين، وفىء المسلمين، فإذا استنظف (١) ما عندهم وقبلهم من ذلك، نظر فى حقوق المسلمين، والمعاهدين، وأخذهم بحقّ كلّ ذى حق حتى يردوه إليهم، فإن ثبتت قبلهم حقوق لأمير المؤمنين، وحقوق للمسلمين، فدافعوا بها وجحدوها، أن يصبّ عليهم سوط عذاب الله، وأليم نقمته، حتى يبلغ بهم الحال التى إن تخطاها بأدنى أدب (٢)، تلفت أنفسهم وبطلت أرواحهم، فإذا خرجوا من حق كل ذى حق أشخصهم كما تشخص العصاة- من خشونة الوطاء، وخشونة المطعم والمشرب، وغلظ الملبس- مع الثّقات من أصحابه، إلى باب أمير المؤمنين إن شاء الله.

فاعمل يا أبا حاتم بما عهدت إليك، فإنى آثرت الله ودينى على هواى وإرادتى، فكذلك فليكن عملك، وعليه فليكن أمرك، ودبّر فى عمّال الكور الذين تمر بهم فى صعودك ما لا يستوحشون معه إلى أمر يريبهم، وظنّ يرعبهم، وابسط من آمال أهل ذلك الثغر ومن أمانهم وعذرهم، ثم اعمل بما يرضى الله منك وخليفته ومن ولّاك الله أمره إن شاء الله.

هذا عهدى وكتابى بخطى، وأنا أشهد الله وملائكته وحملة عرشه وسكان سمواته، وكفى بالله شهيدا».

وكتب أمير المؤمنين بخط يده لم يحضره إلا الله وملائكته.

(تاريخ الطبرى ١٠: ١٠٢)


(١) استنظف الوالى ما عليه من الخراج: استوفاه.
(٢) أى تأديب.

<<  <  ج: ص:  >  >>