للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ١٩٣، وكان معه ابنه صالح (١)، والمأمون يومئذ بمرو، والأمين ببغداد، فبويع له بالخلافة.

وكان الأمين لمّا بلغه أن أباه قد اشتدت علّته، وأنّه لمآبه، بعث بكر بن المعتمر، وكتب معه كتبا: منها كتاب إلى أخيه المأمون، وكتاب إلى أخيه صالح، وأمره بإخفائها حتى يموت أمير المؤمنين، فإذا مات دفع إلى كلّ كتابه، فلما قضى الرشيد دفع ابن المعتمر إلى صالح كتابه، وبعث إلى المأمون بكتابه.

وكانت نسخة كتاب الأمين إلى أخيه المأمون:

«إذا ورد عليك كتاب أخيك- أعاذه الله من فقدك- عند حلول ما لا مردّ له ولا مدفع، مما قد أخفّ (٢) وتناسخ الأمم الخالية، والقرون الماضية، بما عزّاك الله به، واعلم أن الله جلّ ثناؤه، قد اختار لأمير المؤمنين أفضل الدارين، وأجزل الحظّين، فقبضه الله طاهرا زاكيا قد شكر سعيه، وغفر ذنبه إن شاء الله، فقم فى أمرك قيام ذى الحزم والعزم، والناظر لأخيه ونفسه وسلطانه وعامّة المسلمين، وإياك أن يغلب عليك الجزع، فإنه يحبط (٣) الأجر، ويعقب الوزر، وصلوات الله على أمير المؤمنين حيّا وميتا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وخذ البيعة على من قبلك من قوّادك وجندك وخاصّتك وعامتك لأخيك، ثم لنفسك، ثم للقاسم ابن أمير المؤمنين على الشّريطة التى جعلها لك أمير المؤمنين من نسخها (٤) له أو إثباتها، فإنك مقلّد من ذاك ما قلّدك الله وخليفته، وأعلم من قبلك


(١) أمه أم ولد يقال لها رئم.
(٢) من خف القوم عن منزلهم خفوفا: أى ارتحلوا مسرعين، وخف القوم خفوفا أيضا: قلوا.
(٣) أى يفسد.
(٤) أى من فسخها وإبطالها، وقد تقدم لك فى عهد الأمين: «فإذا أفضت الخلافة إلى عبد الله ابن أمير المؤمنين، فالأمر إليه فى إمضاء ما جعله أمير المؤمنين من العهد للقاسم بعده، أو صرف ذلك عنه إلى من رأى من ولده وإخوته ... إلخ».

<<  <  ج: ص:  >  >>