للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيك، وقد ترى يا أبا يحيى حالا عليها جلوت (١) أهل نعمتك والولاة القائمة بحق إمامتك، من طعن فى عقدة كنت القائم بشدّها، وبعهود توليت معاقد أخذها، يبدأ فيها بالأخصّين، حتى أفضى الأمر إلى العامّة من المسلمين، بالأيمان المحرّجة (٢)، والمواثيق المؤكّدة، وما طلع مما يدعو إلى نشر كلمة، وتفريق أمّة، وشتّ جماعة، وتتعرّض به لتبديل نعمة، وزوال ما وطّأت الأسلاف من الأئمة، ومتى زالت نعمة من ولاة أمركم وصل زوالها إليكم فى خواصّ أنفسكم، ولن يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم، وليس الساعى فى نشرها بساع فيها على نفسه، دون السعى على حملتها القائمين بحرمتها، قد عرّضوهم أن يكونوا جزرا لأعدائهم، وطعمة قوم تتظفّر مخالبهم فى دمائهم، ومكانك المكان الذى إن قلت رجع إلى قولك، وإن أشرت لم تتّهم فى نصيحتك، ولك مع إيثار الحقّ الحظوة عند أهل الحقّ، ولا سواء من حظى بعاجل مع فراق الحق فأوبق (٣) نفسه فى عاقبته، ومن أعان الحقّ فأدرك به صلاح العاقبة مع وفور الحظ فى عاجلته.

وليس لك ما تستدعى، ولا عليه ما تستعطف، ولكنه حق من حقّ أحسابك، يجب ثوابه على ربك، ثم على من قمت بالحق فيه من أهل إمامتك، فإن أعجزك قول أو فعل فصر إلى الدار التى تأمن فيها على نفسك، وتحكم فيها برأيك، وتجاوز إلى من يحسن تقبّلا لصالح فعلك، ويكون مرجعك إلى عقدك وأموالك، ولك بذلك الله، وكفى بالله وكيلا، وإن تعذّر ذلك بقية على نفسك، فإمساكا بيدك وقولا بحق ما لم نخف وقوعه بكرهك، فلعلّ مقتديا بك ومغتبطا بنهيك، ثم أعلمنى رأيك أعرفه إن شاء الله». (تاريخ الطبرى ١٠: ١٤٣)

فأتى علىّ بالكتاب إلى الأمين.


(١) أى كشف.
(٢) من التحريج وهو التضييق: أى التى لا يجد فيها من أخذت عليه سبيلا إلى النكث.
(٣) أى أهلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>