للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«من عبد الله الإمام (١) المأمون أمير المؤمنين إلى المبايعين على الحق، والناصرين للدين، من أهل خراسان وغيرهم من أهل الإسلام.

سلام عليكم، فإن أمير المؤمنين يحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو، ويسأله أن يصلّى على محمد عبده ورسوله، أما بعد: فالحمد لله القادر القاهر، الباعث الوارث، ذى العزّ والسلطان، والنور والبرهان، فاطر (٢) السموات والأرض وما بينهما، والمتقدّم بالمنّ والطّول على أهلهما، قبل استحقاقهم لمثوبته بالمحافظة على شرائع طاعته، الذى جعل ما أودع عباده من نعمته، دليلا هاديا لهم إلى معرفته، بما أفادهم من الألباب التى يفهمون بها فصل الخطاب، حتى أقيموا على موارد الاختبار، وتعقّبوا مصادر الاعتبار، وحكموا على ما بطن بما ظهر، وعلى ما غاب بما حضر، واستدلّوا بما أراهم من بالغ حكمته، ومتقن صنعته، وحاجة متزايل (٣) خلقه ومتواصله إلى القوم (٤) بما يلمّه ويصلحه، على أن له بارئا هو أنشأه وابتدأه ويسّر بعضه لبعض، فكان أقرب وجودهم


وقد ذكر ابن النديم فى الفهرست ص ١٧١ «أن لعمارة بن حمزة كاتب المنصور ومولاه رسائل مجموعة من جملتها رسالة الخميس التى تقرأ لبنى العباس» والظاهر أن رسالة عمارة هى أولى رسائل الخميس، حتى كانت الفتنة بين الأمين والمأمون، وكان أحمد بن يوسف فى خراسان فى ديوان الفضل بن سهل، فعمل رسالة الخميس للدعاية للدولة العباسية وللمأمون، وللاحتجاج له عن قتل أخيه، وقد جاء فى الفهرست لابن النديم ص ١٨٣: «الكتب المجمع على جودتها. عهد أردشير، كليلة ودمنة، رسالة عمارة بن حمزة الماهانية، اليتيمة لابن المقفع، رسالة الخميس لأحمد بن يوسف» ولما ثار العباسيون ببغداد على المأمون، ونصيوا عمه إبراهيم بن المهدى خليفة مكانه- كما سيأتى- عمل إبراهيم لنفسه رسالة خميس- وكان غزير الأدب وافر الفضل، لم ير فى أولاد الخلفاء قبله أفصح منه لسانا ولا أحسن منه شعرا- إلى أن كانت خلافة المتوكل فعمل له إبراهيم بن العباس رسالة للخميس، وقد ذكر ابن طيفور فى المنظوم والمنئور صدر رسالتى إبراهيم بن المهدى وإبراهيم بن العباس، وسيردان عليك بعد، ولم يحدثنا التاريخ أنه عملت رسائل للخميس بعد ذلك، وسبب انقطاعها ما كان من غلبة الترك على الخلفاء، ثم استيلاء الديلم على بغداد، وانهيار بنيان وحدة الدولة وتشعبها إلى دول مستقلة فى المشرق والمغرب.
(١) كان الأمين قد نهى عن الدعاء على المنابر فى عمله كله للمأمون، وأمر بالدعاء له عليها، ثم من بعده لابنه موسى، وهو يومئذ ظفل صغير وسماه الناطق بالحق، وذلك سنة ١٩٥، فبلغ ذلك المأمون فتسمى بإمام الهدى وكوتب بذلك- انظر تاريخ الطبرى ١٠: ١٣٩.
(٢) فاطر: خالق.
(٣) المتزايل: المتفرق.
(٤) القوم: القيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>