للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعا: علىّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب لما رأى من فضله البارع، وعلمه الناصع (١) وورعه الظاهر، وزهده الخالص، وتخلّيه من الدنيا، وتسلّمه من الناس، وقد استبان له ما لم تزل الأخبار عليه متواطئة، والألسن عليه متفقة، والكلمة فيه جامعة، ولما لم يزل يعرفه به من الفضل يافعا (٢) وناشئا وحدثا ومكتهلا، فعقد له بالعقد والخلافة إيثارا لله والدين، ونظرا للمسلمين، وطلبا للسلامة وثبات الحجّة والنجاة فى اليوم الذى يقوم الناس فيه لربّ العالمين.

ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته وخاصّته وقوّاده وخدمه، فبايعوه مسرعين مسرورين، عالمين بإيثار أمير المؤمنين طاعة الله على الهوى فى ولده وغيرهم، ممّن هو أشبك به رحما، وأقرب قرابة، وسمّاه «الرّضىّ» إذ كان رضيّا عند أمير المؤمنين.

فبايعوا معشر بيت أمير المؤمنين ومن بالمدينة المحروسة من قوّاده وجنده وعامّة المسلمين «الرّضىّ» من بعده، على اسم الله وبركته وحسن قضائه لدينه وعباده، بيعة مبسوطة إليها أيديكم، منشرحة لها صدوركم، عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها، وآثر طاعة الله والنظر لنفسه ولكم فيها، شاكرين لله على ما ألهم أمير المؤمنين من نصاحته فى رعايتكم، وحرصه على رشدكم وصلاحكم، راجين عائده فى ذلك فى جمع ألفتكم، وحقن دمائكم، ولمّ شعثكم، وسدّ ثغوركم، وقوّة دينكم، ورغم عدوكم، واستقامة أموركم، وسارعوا إلى طاعة الله وطاعة أمير المؤمنين، فإنه الأمر إن سارعتم إليه، وحمدتم الله عليه، عرفتم الحظّ فيه إن شاء الله تعالى».

(صبح الأعشى ٩: ٣٦٢)


(١) الناصع: الخالص من كل شىء.
(٢) يفع الغلام ييفع كمنع وأيفع فهو يافع: شب. واكتهل: صار كهلا، وهو من جاوز الثلاثين أو أربعا وثلاثين إلى إحدى وخمسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>