للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقدم به على المأمون، فأمر بضرب عنقه (سنة ٢١٧) ثم بعث رأسه فطيف به فى الأقطار، ثم ألقى بعد ذلك فى البحر.

ولما قتله المأمون أمر أن تكتب رقعة وتعلّق على رأسه ليقرأها الناس، وفيها.

«أما بعد: فإن أمير المؤمنين كان دعا علىّ بن هشام فيمن دعا من أهل خراسان أيام المخلوع إلى معاونته والقيام بحقه، وكان فيمن أجاب وأسرع الإجابة، وعاون فأحسن المعاونة، فرعى أمير المؤمنين له ذلك، واصطنعه (١) وهو يظنّ به تقوى الله وطاعته، والانتهاء إلى أمر أمير المؤمنين فى عمل إن أسند إليه فى حسن السّيرة، وعفاف الطّعمة (٢)، وبدأه أمير المؤمنين بالإفضال عليه، فولّاه الأعمال السّنيّة، ووصله بالصّلات الجزيلة، التى أمر أمير المؤمنين بالنظر فى قدرها، فوجدها أكثر من خمسين ألف ألف درهم، فمدّ يده إلى الخيانة، والتضييع لما استرعاه من الأمانة فباعده عنه وأقصاه، ثم استقال أمير المؤمنين عثرته، فأقاله إياها، وولّاه الجبل وأذربيجان وكور أرمينية، ومحاربة أعداء الله الخرّميّة (٣) على أن لا يعود لما كان


(١) اصطنعه: اختاره لخاصة أمره.
(٢) الطعمة: المأكلة ووجه المكسب.
(٣) الخرمية. فرقة إباحية وهم أتباع بابك الخرمى، الذى ظهر فى جبل البذ (بفتح الباء وتشديد الذال: كورة بين أذربيجان وأران) وكثر بها أتباعه، واستباحوا المحرمات، وكان للبابكية فى جبلهم ليلة عيد يجتمعون فيها على الخمر والزمر، وتختلط فيها رجالهم ونساؤهم، فإذا أطفئت سرجهم ونيرانهم فجر فيها الرجال بالنساء، وقد قتلوا كثيرا من المسلمين.
وكان بابك خادما لجاويذان صاحب البذ، وكانت امرأة جاويذان تتعشقه وكان يفجر بها، فلما مات جاويذان أذاعت امرأته على أصحابه أنه عهد إليها قبل موته فقال: «إنى أموت فى ليلتى هذه، وإن روحى تخرج من جسدى وتدخل بدن هذا الغلام خادمى، وقد رأيت أن أملكه على أصحابى، فإذا مت فأعلميهم ذلك، وأنه لا دين لمن خالفنى فيه» فقبلوا عهده فيه، وولوه عليهم وتزوج امرأة جاويذان.
وتحرك بابك فى الجاويذانية (سنة ٢٠١) وأخذ فى العيث والفساد، وفى سنة ٢٠٤ واقعه يحيى ابن معاذ والى الجزيرة فلم يظفر واحد منهما بصاحبه، وفى سنة ٢٠٥ ولى المأمون عيسى بن محمد ابن أبى خالد أرمينية وأذربيجان ومحاربة بابك، ونكب به بابك سنة ٢٠٦ ثم ولى صدقة بن على سنة ٢٠٩ وانتدب للقيام بامر بابك أحمد بن الجنيد، ورجع ابن الجنيد إلى بغداد ثم رجع إلى الخرمية فأسره-

<<  <  ج: ص:  >  >>