للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شتم أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة (١)، سبعة عشر رجلا، شهاداتهم فيما ذكر مختلفة من هذا النحو، فكتب بذلك صاحب بريد بغداد إلى عبيد الله (٢) بن يحيى بن خاقان، فأنهى عبيد الله ذلك إلى المتوكل (٣)، فأمر المتوكل أن يكتب إلى محمد بن عبد الله بن طاهر (٤) يأمره بضرب عيسى هذا بالسياط، فإذا مات رمى به فى دجلة، ولم تدفع جيفته إلى أهله، فكتب عبيد الله إلى الحسن بن عثمان (٥) جواب كتابه إليه فى عيسى:

«بسم الله الرحمن الرحيم: أبقاك الله وحفظك، وأتم نعمته عليك، وصل كتابك فى الرجل المسمّى عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم صاحب الخانات، وما شهد به الشهود عليه من شتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعنهم وإكفارهم ورميهم بالكبائر، ونسبتهم إلى النفاق، وغير ذلك مما خرج به إلى المعاندة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وتثبّتك فى أمر أولئك الشهود وما شهدوا به، وما صحّ عندك من عدالة من عدل منهم، ووضح لك من الأمر فيما شهدوا به، وشرحك ذلك فى رقعة درج (٦)


(١) هى حفصة بنت عمر بن الخطاب.
(٢) وزير المتوكل- انظر الفخرى ص ٢١٦، ذكر الطبرى أنه استكتبه سنة ٢٣٦ هـ- تاريخ الطبرى ١١: ٤٤.
(٣) وكان مقر الخلافة يومئذ مدينة سر من رأى (سامرا) بفتح الميم، وهى مدينة بين بغداد وتكريت على شرقى دجلة. وذلك أن جيوش المعتصم كانوا قد كثروا حتى بلغ عدد مماليكه من الأتراك سبعين ألفا، فمدوا أيديهم إلى حرم الناس، وسعوا فيها بالفساد، وضاقت عنهم بغداد، وكان إذا ركب مات جماعة من الصبيان والعميان والضعفاء لازدحام الخيل وضغطهم، فاجتمع أهل الخير على باب المعتصم وقالوا له: إما أن تخرج من بغداد فإن الناس قد تأذوا بعسكرك، وإما أن نحاربك، فقال: كيف تحاربونى؟ قالوا: نحاربك بسهام السحر، قال: وما سهام السحر؟ قالوا: ندعو عليك، فقال: لا طاقة لى بذلك، وخرج من بغداد وبنى «سر من رأى» سنة ٢٢١ هـ ونزل بها، وأقام بها ابنه الواثق ثم المتوكل، وبنى بها قصورا كثيرة- ولم بين بها أحد من الخلفاء من الأبنية الجليلة مثل ما بناه المتوكل، ولم تزل فى صلاح وزيادة وعمارة إلى آخر أيام المنتصر بن المتوكل، ثم أخذت فى التناقص إلى أن كان آخر من انتقل إلى بغداد من الخلفاء وأقام بها وترك «سر من رأى» المعتضد بالله المتوفى صنة ٢٨٩ هـ- انظر معجم ياقوت ٥: ١٢ والفخرى ص ٢١١.
(٤) قال الطبرى (١١: ٤٥) «وفى سنة ٢٣٧ قدم محمد بن عبد الله بن طاهر من خراسان، فولى الشرطة والجزية وأعمال السواد وخلافة أمير المؤمنين بمدينة السلام، ثم صار إلى بغداد».
(٥) صاحب بريد بغداد.
(٦) الدرج: الذى يكتب فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>