للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد علمت ما حضرت من رفع أبى عبد الله وإبرهيم ابنى أمير المؤمنين المتوكّل على الله رضى الله عنه إلى أمير المؤمنين رقعتين بخطوطهما يذكران فيهما ما عرّفهما الله من عطف أمير المؤمنين عليهما ورأفته بهما، وجميل نظره لهما، وما كان أمير المؤمنين المتوكّل على الله عقده لأبى عبد الله من ولاية عهد أمير المؤمنين، ولإبرهيم من ولاية العهد بعد أبى عبد الله، وأن ذلك العقد كان وأبو عبد الله طفل لم يبلغ ثلاث سنين، ولم يفهم ما عقد له، ولا وقف على ما قلّده، وإبرهيم صغير لم يبلغ الحلم، ولم تجر (١) أحكامهما، ولا جرت أحكام الإسلام عليهما، وأنه قد يجب عليهما إذ بلغا ووقفا على عجزهما عن القيام بما عقد لهما من العهد، وأسند إليهما من الأعمال، أن ينصحا لله ولجماعة المسلمين، بأن يخرجا من هذا الأمر الذى عقد لهما أنفسهما، ويعتزلا الأعمال التى قلّداها، ويجعلا كلّ من فى عنقه لهما بيعة وعليه يمين، فى حلّ، إذ كانا لا يقومان بما رشّحا له، ولا يصلحان لتقلّده، وأن يخرج من كان ضمّ إليهما ممن فى نواحيهما من قوّاد أمير المؤمنين ومواليه وغلمانه وجنده وشاكريّته وجميع من مع أولئك القواد بالحضرة وخراسان وسائر النواحى عن رسومهما، وبزال عنهم جميعا ذكر الضّم إليهما، وأن يكونا سوقة (٢) من سوق المسلمين وعامّتهم، ويصفان ما لم يزالا يذكران لأمير المؤمنين من ذلك، ويسألانه فيه، منذ أفضى الله بخلافته إليه، وأنهما قد خلعا أنفسهما من ولاية العهد وخرجا منها، وجعلا كلّ من لهما عليه بيعة ويمين، من قواد أمير المؤمنين وجميع أوليائه ورعيته قريبهم وبعيدهم، وحاضرهم وغائبهم، فى حلّ وسعة من بيعتهم وأيمانهم، ليخلعوهما كما خلعا أنفسهما، وجعلا لأمير المؤمنين على أنفسهما عهد الله وأشدّ ما أخذ على ملائكته وأنبيائه وعباده من


(١) وربما كان «ولم تجز».
(٢) السوقة: الرعية، للواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وقد يجمع على سوق بضم ففتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>