للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسيرهم، والعمد إلى كلّ ما يؤمّون إليه ويأمرون به، وفهمته، ولم يصل إلىّ هذا الكتاب- أعزّ الله أمير المؤمنين- حتى وافت الجيوش المنصورة، فنالت طرفا من ناحية ابن دحيم، وانصرفوا بالكتاب الوارد عليهم من مسرور بن أحمد الداعية، ليلقوه بمدينة «أفامية (١)» ثم ورد علىّ كتاب مسرور بن أحمد فى درج (٢) الكتاب الذى اقتصصت ما فيه فى صدر كتابى هذا، يأمرنى فيه بجمع من تهيّأ من أصحابى وعشيرتى، والنهوض إلى ما قبله، ويحذّرنى التخلف عنه، وكان ورود كتابه علىّ وقت صحّ عندنا نزول المارق سبك عبد مفلح مدينة «عرقة (٣)» فى زهاء ألف رجل، ما بين فارس وراجل، وقد شارف بلدنا، وأطلّ على ناحيتنا، وقد وجّه أحمد ابن الوليد عبد أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- إلى جميع أصحابه، ووجّهت إلى جميع أصحابى، فجمعناهم إلينا، ووجّهنا العيون إلى ناحية «عرقة» لنعرف أخبار هذا الخائن، وأين يريد؟ فيكون قصدنا ذلك الوجه، ونرجو أن يظفر الله به، ويمكن منه، بمنّه وقدرته، ولولا هذا الحادث، ونزول هذا المارق فى هذه الناحية، وإشرافه على بلدنا، لما تأخرت فى جماعة أصحابى عن النهوض إلى مدينة «أفامية» لتكون يدى مع أيدى القوّاد المقيمين بها، لمجاهدة من بتلك الناحية، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين، وأعلمت سيدى أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- السبب فى تخلّفى عن مسرور بن أحمد، ليكون على علم منه، ثم إن أمرنى- أدام الله عزه- بالنفوذ إلى «أفامية»، كان نفوذى برأيه، وامتثلت ما يأمرنى به إن شاء الله، أتمّ الله على أمير المؤمنين نعمه، وأدام عزه وسلامته، وهنأه كرامته، وألبسه عفوه


(١) أفامية: مدينة من سواحل الشأم وكورة من كور حمص.
(٢) درج الكتاب: طيه وداخله، يقال فى درج الكتاب كذا وكذا.
(٣) عرقة: بلدة فى شرقى طرابلس الشام، بينهما أربعة فراسخ وهى آخر عمل دمشق، فى سفح جبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>